الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            عزل سعيد عن المدينة واستعمال مروان وفي سنة أربع وخمسين عزل معاوية سعيد بن العاص عن المدينة واستعمل مروان

            وسبب ذلك أن معاوية كان يغري بين مروان وسعيد بن العاص ، فكتب إلى سعيد وهو على المدينة : اهدم دار مروان ، فلم يهدمها ، فأعاد إليه الكتاب مرة بعد مرة فلم يفعل ، فعزله معاوية ، وولى مروان وكتب إليه يأمره بقبض أموال سعيد بن العاص وهدم داره ، فأخذ الفعلة وسار إلى دار سعيد ليهدمها ، فقال له سعيد : يا أبا عبد الملك أتهدم داري ؟ قال : نعم ، كتب إلي أمير المؤمنين ، ولو كتب إليك في هدم داري لفعلت :

            فقال : ما كنت لأفعل :

            قال : بلى والله :

            قال : كلا :

            وقال لغلامه : ائتني بكتاب معاوية ، فجاءه بالكتابين ، فلما رآهما مروان قال : كتب إليك فلم تفعل ولم تعلمني ؟ فقال سعيد : ما كنت لأمن عليك ، وإنما أراد معاوية أن يحرض بيننا :

            فقال مروان : أنت والله خير مني . وعاد ولم يهدم دار سعيد ، وكتب سعيد إلى معاوية : العجب مما صنع أمير المؤمنين بنا في قرابتنا ! إنه يضغن بعضنا على بعض ، فأمير المؤمنين في حلمه وصبره على ما يكره من الأخبثين ، وعفوه وإدخاله القطيعة بيننا والشحناء ، وتوارث الأولاد ذلك ، فوالله لو لم نكن أولاد أب واحد لما جمعنا الله عليه من نصرة أمير المؤمنين الخليفة المظلوم ، واجتماع كلمتنا ، لكان حقا على أمير المؤمنين أن يرعى ذلك .

            فكتب إليه معاوية يعتذر من ذلك ويتنصل وأنه عائد إلى أحسن ما يعهده .

            وقدم سعيد على معاوية فسأله عن مروان فأثنى عليه خيرا ، فقال له معاوية : ما باعد بينه وبينك ؟ قال : خافني على شرفه وخفته على شرفي :

            قال : فماذا له عندك ؟ قال : أسره شاهدا وغائبا .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية