من توفي في هذه السنة
ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان بن بجدد
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تقدمت ترجمته في الموالي ، ومن كان يخدمه ، عليه الصلاة والسلام . أصل ثوبان من العرب ، فأصابه سباء ، فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعتقه ، فلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرا وحضرا ، فلما مات أقام بالرملة ، ثم انتقل منها إلى حمص فابتنى بها دارا ، ولم يزل بها حتى مات في هذه السنة ، على الصحيح . وقيل : سنة أربع وأربعين . وهو غلط . ويقال إنه توفي بمصر . والصحيح بحمص . الحارث بن ربعي ، أبو قتادة الأنصاري : الحارث بن ربعي ، أبو قتادة الأنصاري
قال الواقدي : اسمه النعمان .
وقال الهيثم بن عدي : اسمه عمرو . والأول أصح .
شهد ما بعد بدر ، وحضر مع علي قتال الخوارج بالنهروان . وقد قيل إنه مات في خلافته وصلى عليه ، ولا يصح ذلك بل عاش بعده .
وعن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة ، قال :
توفي أبو قتادة بالمدينة سنة أربع وخمسين ، وهو ابن سبعين سنة
حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى : حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى
ولد قبل الفيل باثنتي عشرة سنة ، وكان آدم شديد الأدمة خفيف اللحم .
وعن مصعب بن عثمان ، قال :
دخلت أم حكيم بن حزام الكعبة معها نسوة من قريش وهي حامل بحكيم بن حزام ، فضربها المخاض في الكعبة ، فأتيت بنطع حيث أعجلتها الولادة ، فولدت حكيم بن حزام في الكعبة على النطع . وكان حكيم من سادات قريش في الجاهلية والإسلام .
وعن محمد بن الضحاك ، عن أبيه ، قال : لم يدخل دار الندوة أحد من قريش للمشورة حتى يبلغ أربعين سنة إلا حكيم بن حزام ، دخلها وهو ابن خمس عشرة سنة .
وعن أبي حبيبة مولى الزبير ، قال : سمعت حكيم بن حزام ، يقول :
ولدت قبل قدوم أصحاب الفيل بثلاث عشرة سنة وأنا أعقل حين أراد عبد المطلب أن يذبح ولده عبد الله حتى وقع نذره ، وذلك قبل مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس سنين .
قال محمد بن عمر : شهد حكيم بن حزام مع أبيه حرب الفجار ، وقتل أبوه حزام في الفجار الأخير ، وكان حكيم يكنى أبا خالد وكان له جماعة من الولد كلهم أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلموا يوم الفتح .
قال محمد بن عمر : وأخبرنا إبراهيم بن جعفر بن محمود ، عن أبيه وغيره ، قالوا : بكى حكيم بن حزام ، فقال له ابنه : ما يبكيك يا أبه ؟ قال : خصال كلها أبكاني ، أما أولها : فبطء إسلامي حتى سبقت في مواطن كلها صالحة ، ونجوت يوم بدر ويوم أحد ، فقلت : لا أخرج من مكة ولا أوضع مع قريش ما بقيت ، فأقمت بمكة ويأبى الله أن يشرح قلبي للإسلام وذلك أني أنظر إلى بقايا من قريش لهم أسنان متمسكين بما هم عليه من أمر الجاهلية فأقتدي بهم ، ويا ليت أني لم أقتد بهم ، فما أهلكنا إلا اقتداؤنا بآبائنا وكبرائنا ، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة جعلت أفكر ، وأتاني أبو سفيان بن حرب ، فقال : أبا خالد ، والله إني لأخشى أن يأتينا محمد في جموع يثرب ، فهل أنت تابعي إلى شرف نتروح الخبر ؟ قلت : نعم . قال : فخرجنا نتحدث ونحن مشاة حتى إذا كنا بمر الظهران إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدهم من الناس ، فلقي العباس بن عبد المطلب أبا سفيان ، فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعت إلى مكة فدخلت بيتي وآمن الناس ، فجئته صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بالبطحاء وأسلمت وصدقته وشهدت أن ما جاء به حق ، وخرجت معه إلى حنين . فأعطى رجالا من الغنائم والأموال ، وسألته حينئذ فألحقت المسلة . وعن حكيم بن حزام ، قال : . سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان بحنين مائة من الإبل فأعطانيها ، ثم سألته مائة فأعطانيها ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا حكيم ، إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ، ومن أخذه بإسراف نفس لم يبارك فيه ، وكان كالذي يأكل ولا يشبع ، فاليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول "
فكان حكيم يقول : والذي بعثك بالحق لا أزرأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا ، فكان أبو بكر الصديق يدعو حكيما ليعطيه فيأبى أن يقبل منه شيئا ، وكان عمر يدعو حكيما إلى عطائه فيأبى أن يأخذه ، فيقول : أيها الناس أشهدكم على حكيم أني أدعوه إلى عطائه فيأبى أن يأخذه ، فلم يزرأ حكيم أحدا من الناس شيئا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي .
وعن هشام بن عروة ، عن أبيه : . أن حكيم بن حزام أعتق في الجاهلية مائة رقبة وحمل على مائة بعير ، ثم أعتق في الإسلام مائة رقبة وحمل على مائة بعير ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أرأيت شيئا كنت فعلته في الجاهلية أتحنث به ، هل لي فيه من أجر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أسلمت على ما سلف لك من خير "
وعن الزبير بن بكار ، قال : وحدثني عمي مصعب بن عبد الله ، قال :
جاء الإسلام وفي يد حكيم الرفادة ودار الندوة بيده ، فباعها بعد من معاوية بمائة ألف درهم فقال له عبد الله بن الزبير : بعت مكرمة قريش ، فقال حكيم : ذهبت المكارم إلا التقوى يا ابن أخي ، إني اشتريت بها دارا في الجنة ، أشهد أني قد جعلتها في سبيل الله .
وكان يفعل المعروف ويصل الرحم ، عاش ستين سنة في الجاهلية وستين سنة في الإسلام .
وعن أبي بكر بن سليمان ، قال :
حج حكيم بن حزام معه مائة بدنة [قد أهداها ] ، وجللها الحبرة ، وكفها على أعجازها ، ووقف مائة وصيف يوم عرفة في أعناقهم أطوقة الفضة قد نقش في رءوسها عتقاء الله من حكيم بن حزام ، وأعتقهم وأهدى ألف شاة .
قال الزبير بن بكار : وأخبرني إبراهيم بن حمزة ، أن مشركي قريش حصروا بني هاشم في الشعب ، وكان حكيم بن حزام تأتيه العير تحمل الحنطة من الشام فيقبل بها إلى الشعب ، ثم يضرب أعجازها فتدخل عليهم فيأخذون ما عليها من الحنطة .
قال حكيم بن حزام : كنت أعالج البز في الجاهلية ، وكنت رجلا تاجرا أخرج إلى اليمن وإلى الشام في الرحلتين ، وكنت أربح أرباحا كثيرة فأعود على فقراء قومي ونحن لا نعبد شيئا نريد بذلك ثراء الأموال والمحبة في العشيرة ، وكنت أحضر للأسواق ، وكان لنا ثلاثة أسواق : سوق بعكاظ يقوم صبح هلال ذي القعدة ، فيقوم عشرين يوما ويحضرها العرب ، وبها ابتعت زيد بن حارثة لعمتي خديجة بنت خويلد وهو يومئذ غلام ، فأخذته بستمائة درهم ، فلما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة سألها زيدا ، فوهبته له فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبها ابتعت حلة ذي يزن ، كسوتها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما رأيت أحدا قط أجمل ولا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الحلة .
قال : ويقال : . إن حكيم بن حزام قدم بالحلة في هدنة الحديبية وهو يريد الشام في عير ، فأرسل بالحلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبلها ، وقال : "لا أقبل هدية مشرك " ، قال حكيم : فجزعت جزعا شديدا حيث رد هديتي ، وبعتها بسوق النبط من أول سائم سامني ، ودس رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها زيد بن حارثة فاشتراها ، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها بعد
وكان سوق مجنة تقوم عشرة أيام حتى إذا رأينا هلال ذي الحجة انصرفنا وانتهينا إلى سوق ذي المجاز تقام ثمانية أيام .
وكل هذه الأسواق ألقى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المواسم يستعرض القبائل قبيلة قبيلة يدعوهم إلى الله تعالى ، فلا أرى أحدا يستجيب ، وقريش أشد القبائل عليه حتى بعث ربه عز وجل قوما أراد بهم كرامة هذا الحي من الأنصار فبايعوه وآمنوا به وبذلوا له أنفسهم وأموالهم ، فجعل الله له دار هجرة . فلما حج معاوية سامني بداري بمكة فبعتها منه بأربعين ألف دينار ، فبلغني أن ابن الزبير يقول : ما يدري هذا الشيخ ما يبيع ليردن عليه بيعه . فقلت : والله ما ابتعتها إلا بزق من خمر . وكان حكيم يشتري الظهر والأداة والزاد ثم لا يجيئه أحد يستحمله في السبيل إلا حمله .
وكان معاوية عام حج مر به وهو ابن عشرين ومائة سنة ، فأرسل إليه بلقوح [يشرب من لبنها وذلك بعد أن سأله أي الطعام يأكل ، فقال : أما مضغ فلا مضغ بي ، فأرسل إليه بلقوح ] وصله ، فأبى أن يقبلها وقال : لم آخذ من بعد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ، قد دعاني أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إلى حقي فأبيت .
توفي بالمدينة في هذه السنة وهو ابن مائة وعشرين سنة .
حويطب بن عبد العزى : حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل ، أبو محمد
أسلم يوم الفتح ، وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أحد النفر الذين أمرهم عمر بن الخطاب بتجديد أنصاب الحرم .
عن إبراهيم بن جعفر بن محمود بن مسلمة الأشهلي ، عن أبيه ، قال :
كان حويطب بن عبد العزى قد بلغ عشرين ومائة سنة ، ستين في الجاهلية ، وستين في الإسلام ، فلما ولي مروان بن الحكم المدينة في عمله الأول دخل عليه حويطب مع مشيخة جلة : حكيم بن حزام ، ومخرمة بن نوفل ، فتحدثوا عنده ثم تفرقوا ، فدخل عليه حويطب يوما بعد ذلك فتحدث عنده فقال له مروان : ما سنك ؟ فأخبره ، فقال له : تأخر إسلامك أيها الشيخ حتى سبقك الأحداث ، فقال حويطب : الله المستعان ، والله لقد هممت بالإسلام مرة بعد مرة ، كل ذلك يعوقني أبوك ، يقول : تدع شرفك ، وتدع دين آبائك لدين محدث وتصير تابعا ، قال : فأسكت مروان ، وندم على ما كان .
قال له : ثم قال حويطب : أما كان أخبرك عثمان ما كان لقي من أبيك حين أسلم ؟ فازداد مروان غما ، ثم قال حويطب : ما كان في قريش أحد من كبرائنا الذين بقوا على دين قومهم إلى أن فتحت مكة ، كان أكره لما هو عليه مني ، ولكن المقادير . ولقد شهدت بدرا مع المشركين فرأيت عبرا ، رأيت الملائكة تقتل وتأسر بين السماء والأرض ، فقلت : هذا رجل ممنوع ، ولم أذكر ما رأيت ، فانهزمنا راجعين إلى مكة ، فأقمنا بمكة نسلم رجلا رجلا ، فلما كان يوم الحديبية حضرت وشهدت الصلح ومشيت فيه حتى تم ، وكل ذلك أريد الإسلام ويأبى الله إلا ما يريد ، فلما كتبنا صلح الحديبية كنت أنا أحد شهوده ، قلت : لا ترى قريش من محمد إلا ما يسوؤها ، قد رضيت أن دافعت بالراح .
فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عام القضية ، وخرجت قريش عن مكة ، وكنت فيمن تخلف في مكة أنا وسهيل بن عمرو ولات يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مضى الوقت ، وهو ثلاث ، فلما انقضت الثلاث أقبلت أنا وسهيل بن عمرو ، فقلنا : قد مضى شرطك فاخرج بمن معك من بلدنا ، فصاح : يا بلال لا تغيب الشمس وأحد من المسلمين بمكة ممن قدم معنا .
وعن المنذر بن جهم ، قال : قال حويطب : لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح خفت خوفا شديدا ، فخرجت من بيتي وفرقت عيالي في مواضع يأمنون فيها ، ثم انتهيت إلى حائط عوف ، فكنت فيه فإذا أنا بأبي ذر الغفاري وكان بيني وبينه خلة ، فلما رأيته هربت منه ، فقال : أبا محمد ، قلت : لبيك ، قال : ما لك ، قلت : الخوف ، قال : لا خوف عليك تعال أنت آمن بأمان الله ، فرجعت إليه وسلمت عليه ، فقال لي : اذهب إلى منزلك ، قلت : وهل سبيل إلى منزلي ، والله ما أراني أصل إلى بيتي حيا حتى ألقى فأقتل أو يدخل علي في منزلي فأقتل وإن عيالي في مواضع شتى ، قال : فاجمع عيالك معك في موضع واحد وأنا أبلغ معك منزلك ، فبلغ معي وجعل ينادي على بابي : إن حويطب آمن فلا يهج . ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال : "أوليس قد آمنا الناس كلهم إلا من أمرت بقتله " .
فاطمأننت ورددت عيالي إلى مواضعهم ، وعاد إلي أبو ذر فقال : يا أبا محمد حتى متى وإلى متى قد سبقت في المواطن كلها وفاتك خير كثير وبقي خير كثير فأت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم تسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أبر الناس وأوصل الناس وأحلم الناس . قلت : فأنا أخرج معك فآتيه ، فخرجت معه حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء وعنده أبو بكر وعمر ، فوقفت على رأسه وقد سألت أبا ذر : كيف يقال إذا سلم عليه ؟ قال : قل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ، قال : "وعليك السلام ، أحويطب ؟ " قلت : نعم ، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فقال : "الحمد لله الذي هداك " . وسر بإسلامي واستقرضني مالا فأقرضته أربعين ألف درهم وشهدت معه حنينا والطائف ، وأعطاني من غنائم حنين مائة بعير .
ثم قدم حويطب بعد ذلك المدينة فنزلها وله بها دار .
وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال :
باع حويطب داره بمكة من معاوية بأربعين ألف دينار ، فقيل له : يا أبا محمد ، أربعون ألف دينار ، فقال : وما أربعون ألف دينار لرجل عنده خمسة من العيال .
ومات حويطب بالمدينة في هذه السنة وله مائة وعشرون سنة .
سعيد بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم : سعيد بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم
أسلم يوم الفتح ، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا وأعطاه من غنائمها خمسين بعيرا ، وكان ممن يجدد أنصاب الحرم كل سنة معرفة بها حتى ذهب بصره في آخر خلافة عمر رضي الله عنه .
وتوفي بالمدينة في هذه السنة وهو ابن مائة وعشرين سنة .
سودة بنت زمعة : سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود
تزوجها السكران بن عمرو ، وأسلما وخرجا إلى الحبشة في الهجرة الثانية ، فلما قدم مكة توفي ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها فخطبها فتزوجها ، فهي أول امرأة تزوجها بعد خديجة ، وكان ذلك في رمضان سنة عشر من النبوة ، وبنى بها بمكة ، وكانت قد كبرت فأراد طلاقها ، فقالت : دعني أحشر في جملة أزواجك وليلتي لعائشة .
وقيل : إنه طلقها ، فلما قالت هذا راجعها .
وتوفيت في شوال هذه السنة بالمدينة .
مرة بن شراحبيل الهمداني مرة بن شراحبيل الهمداني :
ويقال له : مرة الخير ، ومرة الطيب ، سمي ذلك لعبادته .
وروى عن أبي بكر ، وعمر ، وعلي ، وابن مسعود . وكان كثير الصلاة تبين في وجهه وكفيه آثار الركوع والسجود .
وعن عطاء بن السائب ، قال :
كان مرة يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة ، فلما ثقل وبدن صلى أربعمائة ركعة ، وكنت تنظر إلى مباركه كأنها مبارك الإبل .
وعن الحارث الغنوي ، قال : سجد مرة الهمداني حتى أكل التراب جبهته ، فلما مات رآه رجل من أهله في منامه كأن موضع سجوده كهيئة الكوكب الدري يلمع . فقلت له : ما هذا الذي أرى بوجهك ؟ قال : كسى موضع السجود بأكل التراب له نورا ، قال : فما منزلتك في الجنة ؟ قال : خير منزلة ، دار لا ينتقل عنها أهلها ولا يموتون .
النعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث : النعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث
شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يؤتى به مرة بعد مرة في شرب النبيذ ، فقال رجل : اللهم العنه ، ما أكثر ما يشرب وأكثر ما يجلد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله " .
أسامة بن زيد ، أبو محمد المدني أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن مولاه ، وحبه وابن حبه ، وأمه بركة أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته ، ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمرة بعد مقتل أبيه ، فطعن بعض الناس في إمرته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمرة أبيه من قبله ، وايم الله إن كان لخليقا بالإمارة ، وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده " .
وثبت في " صحيح البخاري " عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجلس الحسن على فخذه ، ويجلس أسامة على فخذه الأخرى ويقول : " اللهم إني أحبهما فأحبهما " . وفضائله كثيرة جدا ، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره تسع عشرة سنة ، وكان عمر إذا لقيه يقول : السلام عليك أيها الأمير .
عثر أسامة على عتبة الباب فشجت جبهته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا عائشة أميطي عنه الدم " . فاستقذرته عائشة . قالت : فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص شجته ويمجه ويقول : "لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى أنفقه " . وعن هشام بن عروة ، عن أبيه : وعن عائشة ، قالت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر الإفاضة من عرفة من أجل أسامة بن زيد ينتظره ، فجاء غلام أفطس أسود ، فقال أهل اليمن : إنما حبسنا من أجل هذا .
وعن محمد بن سيرين ، قال : بلغت النخلة على عهد عثمان بن عفان ألف درهم ، قال : فعمد أسامة إلى نخلة فنقرها وأخرج جمارها فأطعمها أمه ، فقالوا له : ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم ؟ قال : إن أمي سألتنيه ولا تسألني شيئا أقدر عليه إلا أعطيتها .
سكن أسامة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وادي القرى ، ثم نزل المدينة فمات بالجرف ، فحمل إلى المدينة . وصحح أبو عمر بن عبد البر أنه توفي في هذه السنة . وقال غيره : سنة ثمان أو تسع وخمسين . وقيل توفي بعد مقتل عثمان . فالله أعلم . ومخرمة بن نوفل ومخرمة بن نوفل ، وهو من مسلمة الفتح ، وعمره مائة سنة وخمس عشرة سنة :
يزيد بن شجرة الرهاوي وفيها قتل يزيد بن شجرة الرهاوي في غزوة غزاها ، وقيل : سنة ثمان وخمسين .