ومما وقع من الحوادث في هذه السنة - أعني سنة إحدى وستين - بعد مقتل الحسين ففيها ولى يزيد بن معاوية سلم بن زياد سجستان وخراسان حين وفد عليه وله من العمر أربعة وعشرون سنة ، وعزل عنها أخويه عبادا وعبد الرحمن ، وسار سلم إلى عمله ، فجعل ينتخب الوجوه والفرسان ، ويحرض الناس على الجهاد ، ثم خرج في جحفل عظيم ليغزو بلاد الترك ومعه امرأته أم محمد بنت عبد الله بن عثمان بن أبي العاص ، فكانت أول امرأة من العرب قطع بها النهر ، وولدت هناك ولدا أسموه صغديا ، وبعثت إليها امرأة صاحب الصغد بتاجها من ذهب ولآلئ ، وكان المسلمون قبل ذلك لا يشتون في تلك البلاد ، فشتى بها سلم بن زياد ، وبعث المهلب بن أبي صفرة إلى تلك المدينة التي هي للترك ، وهي خوارزم ، فحاصرهم حتى صالحوه على نيف وعشرين ألف ألف ، وكان يأخذ منهم عروضا عوضا ، فيأخذ الشيء بنصف قيمته ، فبلغت قيمة ما أخذ منهم خمسين ألف ألف ، فحظي بذلك المهلب عند سلم بن زياد ثم بعث من ذلك ما اصطفاه ليزيد بن معاوية مع مرزبان ، ومعه وفد ، وصالح سلم أهل سمرقند في هذه الغزوة على مال جزيل . ووجه جيشا إلى خجندة فيهم أعشى همدان فهزموا ، فقال الأعشى :
ليت خيلي يوم الخجندة لم ته زم وغودرت في المكر سليبا تحضر الطير مصرعي وتروح
ت إلى الله بالدماء خضيبا