الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            من توفي في هذه السنة من الأكابر

            وقد توفي في هذه السنة خلق من المشاهير والأعيان من الصحابة وغيرهم في وقعة الحرة مما يطول ذكرهم ; فمن مشاهيرهم من الصحابة ربيعة بن كعب الأسلمي ربيعة بن كعب الأسلمي:

            أسلم قديما وكان من أهل الصفة ، وكان يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويبيت على بابه لحوائجه ، ويغزو معه ، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فنزل [يين ، وهي من بلاد أسلم ، وهي] على بريد من المدينة ، وبقي إلى أيام الحرة .

            وعن ربيعة بن كعب ، قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع حتى يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ، فأجلس ببابه إذا دخل بيته أقول: لعله أن تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة ، فما أزال أسمعه يقول: سبحان الله ، سبحان الله ، [سبحان الله] وبحمده ، حتى أمل فأرجع أو تغلبني عيني فأرقد .

            [قال]: فقال لي يوما لما يرى من خفتي [له] وخدمتي إياه: يا ربيعة ، سلني أعطك . قال: فقلت: أنظر في أمري يا رسول الله ثم أعلمك ذلك ، قال: ففكرت في نفسي فعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة ، وأن لي فيها رزقا سيكفيني ويأتيني . قال: فقلت: أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي ، فإنه من الله عز وجل بالمنزل الذي هو به ، قال: فجئته فقال: ما فعلت يا ربيعة؟ قال: فقلت: نعم يا رسول الله ، أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار ، قال: فقال: "من أمرك بهذا يا ربيعة؟" قال: فقلت: لا والله الذي بعثك بالحق ، ما أمرني به أحد ، ولكنك لما قلت سلني أعطك ، وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به نظرت في أمري وعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة ، وأن لي فيها رزقا سيأتيني ، فقلت: أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي ، قال:

            فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا ، ثم قال لي: "إني فاعل ذلك فأعني على نفسك [بكثرة] السجود" .


            عبد الله بن حنظلة الغسيل ابن أبي عامر الراهب عبد الله بن حنظلة الغسيل ابن أبي عامر الراهب:

            كان حنظلة لما أراد الخروج إلى أحد وقع على امرأته جميلة ، فعلقت بعبد الله في شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة ، وقتل حنظلة يومئذ شهيدا فغسلته الملائكة ، فقيل لولده: بنو غسيل الملائكة ، وولدت جميلة عبد الله ، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعبد الله سبع سنين .

            ولما وثب أهل المدينة ليالي الحرة فأخرجوا بني أمية عن المدينة ، وأظهروا عيب يزيد ، أجمعوا على عبد الله ، فأسندوا أمرهم إليه فبايعهم على الموت وقال: يا قوم ، اتقوا الله وحده ، فوالله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء ، إن رجلا ينكح الأمهات والبنات والأخوات ، ويشرب الخمر ويدع الصلاة ، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله فيه بلاء حسنا . فتواثب الناس يومئذ يبايعون من كل النواحي . وما كان لعبد الله بن حنظلة تلك الليالي مبيت إلا المسجد ، فلما دخلوا المدينة قاتل حتى قتل يومئذ .

            أبو عائشة الهمداني أبو عائشة الهمداني ، واسمه مسروق بن الأجدع بن مالك:

            سرق وهو صغير ثم وجد فسمي مسروقا . ورأى أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وابن مسعود ، وحضر مع علي حرب الخوارج بالنهروان ، وقال عمر بن الخطاب: ما اسمك؟ فقال: مسروق بن الأجدع ، فقال: مسروق بن عبد الرحمن .



            وعمرو بن معديكرب خال مسروق .

            وقال ابن المديني: ما أقدم على مسروق أحد من أصحاب عبد الله .

            وعن أبي إسحاق ، قال: حج مسروق فلم ينم إلا ساجدا على وجهه حتى رجع .

            وعن أنس بن سيرين ، أن امرأة مسروق قالت: كان يصلي حتى ورمت قدماه ، فربما جلست خلفه أبكي مما أراه يصنع بنفسه .

            توفي مسروق رضي الله عنه بالكوفة في هذه السنة ، وهي سنة ثلاث وستين ، وله ثلاث وستون سنة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية