عبد الله بن سوار بن همام العبدي عبد الله بن سوار بن همام العبدي:
وكان شريفا جوادا ، وولاه معاوية السند .
فعن الهيثم بن عدي ، عن رجاله ، قالوا:
وفد على عبد الله بن سوار بن همام العبدي رجل من أهل البصرة وهو عامل معاوية على السند ، فانتظر إذنه ثلاثا ثم دخل عليه فأنكره ، فقال: من الرجل؟ قال: من أهل البصرة من بني تميم من بني سعد ، قال: وما وراءك؟ قال: حرمة قمت بها ، قال: وما هي؟ قال: كنت تمر بمجلس بني سور فتسلم فأرد عليك أتم من سلامك بأجهر من كلامك ، وأتبعك بدعائي من بين رجال قومي ، قال: حرمة والله .
وكان عبد الله بن سوار شريفا جوادا ، فقال: ما حاجتك؟ قال: أملي ، قال: وما أملك؟ قال: ما أستغني به عن غيرك إن عشت ، وتنمو به عقبي إن مت . فأمر له بثلاثين ألفا ، وكساه وقال: هي لك عندي في كل سنة إن أبقاني لك الدهر .
المسور بن مخرمة المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة ، أبو عبد الرحمن .
أمه عاتكة بنت عوف ، أخت عبد الرحمن بن عوف من المهاجرات المبايعات ، قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسور ابن ثمان سنين ، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يلازم عمر بن الخطاب ويحفظ عنه ، وكان من أهل الفضل والدين ، ولم يزل مع خاله عبد الرحمن مقبلا ومدبرا في أمر الشورى ، ثم انحاز إلى مكة حين توفي معاوية ، وكره بيعة يزيد ، فلم يزل هنالك حتى قدم الحصين بن نمير وحضر حصار ابن الزبير .
فعن إبراهيم بن حمزة ، قال: أتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ببرود من اليمن فقسمها بين المهاجرين والأنصار ، وكان فيها برد فائق ، فقال: إن أعطيته أحدا منهم غضب أصحابه ورأوا أني فضلته عليهم ، فدلوني على فتى من قريش نشأ نشأة حسنة أعطه إياه ، فأسموا المسور بن مخرمة ، فدفعه إليه ، فنظر إليه سعد بن أبي وقاص على المسور ، فقال: ما هذا؟ قال: كسانيه أمير المؤمنين ، فجاء سعد إلى عمر فقال: تكسوني هذا البرد وتكسو ابن أخي أفضل منه؟ فقال: يا أبا إسحاق ، إني كرهت أن أعطيه أحدا منكم فيغضب أصحابه فأعطيته فتى نشأ نشأة حسنة حتى لا يتوهم فيه أني أفضله عليكم ، فقال سعد: فإني قد حلفت لأضربن بالبرد الذي أعطيتني رأسك ، فخضع له عمر رأسه وقال: عندك يا أبا إسحاق فارفق الشيخ بالشيخ ، فضرب رأسه بالبرد .
وعن أم بكر بنت المسور: أن المسور كان لا يشرب من الماء الذي يوضع في المسجد ويكرهه ، ويرى أنه صدقة ، وأنه احتكر طعاما فرأى سحابا من سحاب الخريف فكرهه ، فلما أصبح أتى السوق فقال: من جاءني وليته ، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب ، فأتاه بالسوق فقال: أجننت يا مسور؟ قال: لا والله يا أمير المؤمنين ، ولكني رأيت سحابا من سحاب الخريف فكرهته ، فكرهت ما ينفع المسلمين ، فكرهت أن أربح فيه ، وأردت ألا أربح فيه ، فقال عمر: جزاك الله خيرا .
قال ابن سعد: وعن أم بكر بنت المسور ، عن أبيها: أنه كان يصوم الدهر ، وأنه أصابه حجر من المنجنيق ، ضرب البيت فانفلق منه فلقة فأصابت جدار المسور وهو قائم يصلي ، فمرض منها أياما ثم هلك في اليوم الذي جاء فيه نعي يزيد بن معاوية بمكة ، وابن الزبير يومئذ لا يتسمى بالخلافة ، والأمر شورى ، وهو ابن اثنتين وستين سنة .
يزيد بن الأسود الجرشي يزيد بن الأسود الجرشي:
كان عبدا صالحا ، وكان القطر قد احتبس في زمن معاوية ، فصعد المنبر ودعاه فصعد إليه ، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا ، اللهم إنا نستشفع إليك بيزيد بن الأسود ، فسقي الناس ، ثم جرى له مثل هذا مع الضحاك بن قيس .
وعن ابن أبي جميلة ، قال: أصاب الناس قحط بدمشق ، وعلى الناس الضحاك بن قيس الفهري ، فخرج بالناس يستسقي ، فقال: أين يزيد بن الأسود الجرشي ، فلم يجبه أحد مرارا ، فقال: عزمت عليه أن يسمع كلامي إلا قام ، فقام فرفع يديه فقال: اللهم يا رب إن عبادك تقربوا إليك فأسقهم ، فانصرف الناس وهم يخوضون الماء ، فقال: اللهم إنه قد شهرني فأرحني منه ، فما أتت عليه جمعة حتى قتل الضحاك .
الضحاك بن قيس بن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك ، أبو أنيس الفهري ، أحد الصحابة على الصحيح ، وقد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، وروى عنه أحاديث عدة ، وروى عنه جماعة من التابعين ، وهو أخو فاطمة بنت قيس وكانت أكبر منه بعشر سنين ، وكان أبو عبيدة بن الجراح عمه . حكاه ابن أبي حاتم . وزعم بعضهم أنه لا صحبة له ، وقال الواقدي : أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه قبل البلوغ . وفي رواية عن الواقدي أنه قال : ولد الضحاك قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين . الضحاك بن قيس
وقد شهد فتح دمشق وسكنها وله بها دار عند حجر الذهب ، مما يلي نهر بردى ، وكان على أهل دمشق يوم صفين مع معاوية . ولما أخذ معاوية الكوفة استنابه بها في سنة أربع وخمسين .
وقد روى البخاري في " التاريخ " أن الضحاك قرأ سورة " ص " في الصلاة بالناس بالكوفة ، فسجد فيها فلم يتابعه علقمة وأصحاب ابن مسعود في السجود .
ثم استنابه معاوية عنده على دمشق ، فلم يزل عنده حتى مات معاوية ، وتولى ابنه يزيد ، ثم ابن ابنه معاوية بن يزيد ثم صار أمره إلى ما ذكرنا .
وقد قال الإمام أحمد بسنده عن الحسن ، أن الضحاك بن قيس كتب إلى قيس بن الهيثم حين مات يزيد بن معاوية : سلام عليك ، أما بعد ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " " . وإن يزيد بن معاوية قد مات ، وأنتم إخواننا وأشقاؤنا فلا تسبقونا حتى نختار لأنفسنا . إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم ، فتنا كقطع الدخان ، يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه ، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، يبيع أقوام خلاقهم ودينهم بعرض من الدنيا قليل
وقد روى الحافظ ابن عساكر بسنده عن حماد بن زيد قال : دخل الضحاك بن قيس على معاوية فقال معاوية :
تطاولت للضحاك حتى رددته إلى حسب في قومه متقاصر
فقال الضحاك : قد علم قومنا أننا أحلاس الخيل . فقال : صدقت ، أنتم أحلاسها ونحن فرسانها . يريد : أنتم راضة وساسة ، ونحن الفرسان . وأرى أصله من الحلس ، وهو كساء يكون تحت البردعة ، أي يلزم ظهورها ، كما يلزم الحلس ظهر البعير .وروى أيضا أن مؤذن دمشق قال للضحاك بن قيس : والله أيها الأمير إني لأحبك في الله . فقال له الضحاك : ولكني والله أبغضك في الله . قال : ولم ؟ أصلحك الله . قال : لأنك تتراءى في أذانك ، وتأخذ أجرا على تعليمك .
قتل الضحاك ، رحمه الله ، يوم مرج راهط ، وذلك للنصف من ذي الحجة ، سنة أربع وستين . النعمان بن بشير وفيها قتل النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري
وأمه عمرة بنت رواحة ، وكان أول مولود ولد بالمدينة بعد الهجرة للأنصار ، في جمادى الأولى سنة ثنتين من الهجرة ، فأتت به أمه تحمله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحنكه وبشرها بأنه يعيش حميدا ، ويقتل شهيدا ، ويدخل الجنة ، فعاش في خير وسعة ، وولي نيابة الكوفة لمعاوية تسعة أشهر ، ثم سكن الشام ، وولي قضاءها بعد فضالة بن عبيد ، وفضالة بعد أبي الدرداء . وناب بحمص لمعاوية ، وهو الذي رد آل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بأمر يزيد له في ذلك ، وهو الذي أشار على يزيد بالإحسان إليهم وقال : عاملهم بما كان يعاملهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم لو رآهم على هذه الحالة . فرق لهم يزيد ، وأحسن إليهم وأكرمهم ، وأمر بإكرامهم ، ثم لما كانت وقعة مرج راهط وقتل الضحاك بن قيس ، وكان النعمان قد أمده بأهل حمص عدا عليه أهل حمص فقتلوه بقرية يقال لها : ييرين . قتله رجل يقال له : خالد بن خلي الكلاعي . وقيل : خلي بن داود . وهو جد خالد بن خلي ، وقد رثته ابنته حميدة بنت النعمان فقالت :
ليت ابن مرنة وابنه كانوا لقتلك واقية
وبني أمية كلهم لم تبق منهم باقية
جاء البريد بقتله يا للكلاب العاوية
يستفتحون برأسه دارت عليهم ثانية
فلأبكين مسرة ولأبكين علانية
ولأبكينك ما حييت مع السباع العادية
ومن كلام النعمان ، رضي الله عنه ، قوله : إن الهلكة كل الهلكة أن تعمل بالسيئات في زمان البلاء .
وقال يعقوب بن سفيان بسنده عن الهيثم بن مالك الطائي ، سمعت النعمان بن بشير على المنبر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن للشيطان مصالي وفخوخا ، وإن من مصاليه وفخوخه البطر بنعم الله ، والفخر بعطاء الله ، والكبر على عباد الله ، واتباع الهوى في غير ذات الله " .
ومن أحاديثه الصحاح الحسان ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الحلال بين ، وإن الحرام بين ، وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله تعالى محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد ، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ، ألا وهي القلب " . رواه البخاري ومسلم .
وقال أبو مسهر : كان النعمان بن بشير على حمص عاملا لابن الزبير ، فلما تمرون أهل حمص خرج النعمان هاربا ، فاتبعه خالد بن خلي الكلاعي فقتله .
قال أبو عبيدة وغير واحد : في هذه السنة .
وقد روى محمد بن سعد بأسانيده أن معاوية تزوج امرأة جميلة جدا ، فبعث إحدى امرأتيه ميسون أو فاختة لتنظر إليها . فلما رأتها أعجبتها جدا ، ثم رجعت إليه فقال : كيف رأيتيها ؟ قالت : بديعة الجمال ، غير أني رأيت تحت سرتها خالا أسود ، وإني أحسب أن زوجها يقتل ويلقى رأسه في حجرها . فطلقها معاوية ، وتزوجها النعمان بن بشير فلما قتل ألقي في حجر امرأته هذه .
وقال أبو سليمان بن زبر : قتل بسلمية سنة ست وستين . وقال غيره : سنة خمس وستين . وقيل : سنة ستين . والصحيح ما ذكرناه .
شداد بن أوس بن ثابت ، وهو ابن أخي حسان بن ثابت . ( وفيها توفي أبو برزة الأسلمي بخراسان . وفيها مات شداد بن أوس بن ثابت
وفيها توفي الوليد بن عتبة بن أبي سفيان في قول . وفي هذه السنة توفي شقيق بن ثور السدوسي .