( ) استقرار الأمر لمصعب بن الزبير بالكوفة
ولما استقر مصعب بن الزبير بالكوفة بعث إلى إبراهيم بن الأشتر ليقدم عليه ، وبعث عبد الملك بن مروان ليقدم عليه ، فحار ابن الأشتر في أمره ، وشاور أصحابه إلى أيهما يذهب ، ثم اتفق رأيهم على الذهاب إلى بلدهم الكوفة ، فقدم ابن الأشتر على مصعب بن الزبير فأكرمه وعظمه واحترمه كثيرا ، وبعث مصعب المهلب بن أبي صفرة على الموصل والجزيرة وأذربيجان وأرمينية - وكان قد استخلف على البصرة حين خرج منها عبيد الله بن عبد الله بن معمر - وأقام هو بالكوفة . ذكر ثم لم تنسلخ هذه السنة حتى عزله أخوه عبد الله بن الزبير عن البصرة وولى عليها ابنه حمزة بن عبد الله بن الزبير ، وكان شجاعا جوادا مخلطا ، يعطي أحيانا حتى لا يدع شيئا ، ويمنع أحيانا ما لا يمنع مثله ، وظهرت خفته وطيش في عقله وسرعة في أمره ، فيقال إنه ركب يوما فرأى فيض البصرة فقال : إن هذا الغدير إن رفقوا به ليكفينهم صيفهم . فلما كان بعد ذلك رآه جازرا فقال : قد قلت لو رفقوا به لكفاهم . وظهر منه غير ذلك ، فكتب الأحنف إلى أبيه وسأله أن يعزله عنهم ويعيد مصعبا ، فعزله ، فاحتمل مالا كثيرا من مال البصرة ، فعرض له مالك بن مسمع فقال له : لا ندعك تخرج بعطايانا . فضمن له عبيد الله بن عبد الله العطاء ، فكف عنه ، وشخص حمزة بالمال ، وأتى المدينة فأودعه رجالا ، فجحدوه إلا رجلا واحدا فوفى له ، وبلغ ذلك أباه فقال : أبعده الله ! أردت أن أباهي به بني مروان فنكص . عزل مصعب بن الزبير ، وولاية حمزة بن عبد الله بن الزبير
وقيل : إن مصعبا أقام بالكوفة سنة بعد قتل المختار معزولا عن البصرة ، عزله أخوه عبد الله ، واستعمل عليها ابنه حمزة ، ثم إن مصعبا وفد على أخيه عبد الله ، فرده على البصرة ، وقيل : بل انصرف مصعب إلى البصرة بعد قتل المختار ، واستعمل على الكوفة الحارث بن أبي ربيعة ، فكانتا في عمله ، فعزله أخوه عن البصرة واستعمل ابنه حمزة ، ثم عزل حمزة بكتاب الأحنف وأهل البصرة ، ورد مصعبا .