الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ( استقرار الأمر لمصعب بن الزبير بالكوفة )

            ولما استقر مصعب بن الزبير بالكوفة بعث إلى إبراهيم بن الأشتر ليقدم عليه ، وبعث عبد الملك بن مروان ليقدم عليه ، فحار ابن الأشتر في أمره ، وشاور أصحابه إلى أيهما يذهب ، ثم اتفق رأيهم على الذهاب إلى بلدهم الكوفة ، فقدم ابن الأشتر على مصعب بن الزبير فأكرمه وعظمه واحترمه كثيرا ، وبعث مصعب المهلب بن أبي صفرة على الموصل والجزيرة وأذربيجان وأرمينية - وكان قد استخلف على البصرة حين خرج منها عبيد الله بن عبد الله بن معمر - وأقام هو بالكوفة . ذكر عزل مصعب بن الزبير ، وولاية حمزة بن عبد الله بن الزبير ثم لم تنسلخ هذه السنة حتى عزله أخوه عبد الله بن الزبير عن البصرة وولى عليها ابنه حمزة بن عبد الله بن الزبير ، وكان شجاعا جوادا مخلطا ، يعطي أحيانا حتى لا يدع شيئا ، ويمنع أحيانا ما لا يمنع مثله ، وظهرت خفته وطيش في عقله وسرعة في أمره ، فيقال إنه ركب يوما فرأى فيض البصرة فقال : إن هذا الغدير إن رفقوا به ليكفينهم صيفهم . فلما كان بعد ذلك رآه جازرا فقال : قد قلت لو رفقوا به لكفاهم . وظهر منه غير ذلك ، فكتب الأحنف إلى أبيه وسأله أن يعزله عنهم ويعيد مصعبا ، فعزله ، فاحتمل مالا كثيرا من مال البصرة ، فعرض له مالك بن مسمع فقال له : لا ندعك تخرج بعطايانا . فضمن له عبيد الله بن عبد الله العطاء ، فكف عنه ، وشخص حمزة بالمال ، وأتى المدينة فأودعه رجالا ، فجحدوه إلا رجلا واحدا فوفى له ، وبلغ ذلك أباه فقال : أبعده الله ! أردت أن أباهي به بني مروان فنكص .

            وقيل : إن مصعبا أقام بالكوفة سنة بعد قتل المختار معزولا عن البصرة ، عزله أخوه عبد الله ، واستعمل عليها ابنه حمزة ، ثم إن مصعبا وفد على أخيه عبد الله ، فرده على البصرة ، وقيل : بل انصرف مصعب إلى البصرة بعد قتل المختار ، واستعمل على الكوفة الحارث بن أبي ربيعة ، فكانتا في عمله ، فعزله أخوه عن البصرة واستعمل ابنه حمزة ، ثم عزل حمزة بكتاب الأحنف وأهل البصرة ، ورد مصعبا .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية