الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وفي سنة ثمان وستين كان بالشام قحط شديد ، حتى إنهم لم يقدروا من شدته على الغزو . لضعفهم وقلة طعامهم وميرتهم . وفيها عسكر عبد الملك بن مروان ببطنان [ حبيب ] ، وهو قريب [ من ] قنسرين ، وشتى بها ثم رجع إلى دمشق . وقيل في سنة ثمان وستين وافى عرفات أربعة ألوية   : لواء لابن الحنفية وأصحابه ، ولواء لابن الزبير وأصحابه ، ولواء لبني أمية ، ولواء لنجدة الحروري ، ولم يجر بينهم حرب ولا فتنة ، وكان أصحاب ابن الحنفية أسلم الجماعة .

            وقد روى سعيد بن جبير عن أبيه ، قال: خفت الفتنة فجئت إلى محمد بن علي فقلت: اتق الله فإنا في بلد حرام ، والناس وفد الله إلى هذا البيت ، فلا تفسد عليهم حجتهم . فقال: والله ما أريد ذلك ، ولا يؤتى أحد من الحاج من قبلي ، ولكني رجل أدفع عن نفسي ، فجئت إلى ابن الزبير فكلمته في ذلك فقال: أنا رجل قد أجمع الناس علي ، فقلت: أرى الكف خيرا لك ، قال: أفعل . فجئت نجدة فكلمته في ذلك ، فقال: أما أن أبتدئ أحدا بقتال فلا ، ولكن من بدأ بقتالي قاتلته . ثم جئت شيعة بني أمية فكلمتهم بنحو ذلك ، فقالوا: نحن عزمنا على أن لا نقاتل أحدا إلا أن يقاتلنا . وكان أول من دفع راية ابن الحنفية ، ثم نجدة ، ثم بنو أمية ، ثم دفع ابن الزبير فدفع الناس معه وكان عبد الله بن عمر فيمن انتظر دفع ابن الزبير ، ولكنه تأخر دفعه فقال ابن عمر : أشبه بتأخيره دفع الجاهلية ، فدفع ابن عمر فدفع ابن الزبير وكان العامل لابن الزبير على المدينة هذه السنة جابر بن الأسود بن عوف الزهري ، وعلى البصرة والكوفة مصعب أخوه ، وعلى قضاء الكوفة عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وعلى قضاء البصرة هشام بن هبيرة ، وعلى خراسان عبد الله بن خازم ، وكان عبد الملك بن مروان بالشام مشاققا لابن الزبير . وفي سنة ثمان وستين هلك ملك الروم قسطنطين بن قسطنطين ببلده ، لعنه الله .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية