أسند عن قيس بن عباد ، عن أبي بن كعب .
وعن سلمة بن علقمة ، قال: اعتم إياس بن قتادة وهو يريد بشر بن مروان ، فنظر في المرآة فإذا بشيبة في ذقنه ، فقال: افليها يا جارية ، ففلتها ، فإذا هي بشيبة أخرى ، فقال: انظروا من بالباب من قومي فادخلوا عليه ، فقال: يا بني تميم ، إني كنت وهبت لكم شبيبتي ، فهبوا لي شيبتي ، ألا أراني حمير الحاجات وهذا الموت يقرب مني . ثم قال: انقضي العمامة فاعتزل يؤذن لقومه ، ويعبد ربه ، ولم يغش سلطانا حتى مات .
زرارة بن أوفى الحرشي يكنى أبا حاجب: زرارة بن أوفى الحرشي ،
أسند عن أبي هريرة ، وعمران ، وابن عباس . وتوفي في هذه السنة فجأة .
عن عبد الواحد بن غياث ، قال: حدثنا أبو خباب القصار ، قال:
صلى بنا زرارة بن أوفى الفجر ، فلما بلغ: فإذا نقر في الناقور شهق شهقة فمات .
عبد الرحمن بن يزيد بن جارية بن عامر الأنصاري عبد الرحمن بن يزيد بن جارية بن عامر الأنصاري:
وأمه جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح ، ولد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة واسمه حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، يكنى أبا الخطاب: عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة ،
وكان أبو ربيعة يسمى ذا الرمحين ، سمي بذلك لطوله ، كأنه يمشي على رمحين .
وقيل: بل قاتل في عكاظ برمحين ، فسمي بذلك .
ولد عمر ليلة قتل عمر بن الخطاب ، وكانت أمه وأم إخوته نصرانية . وأبو جهل بن هشام عم أبيه ، وأم عمر بن الخطاب حثمة بنت هشام بن المغيرة بنت عم أبيه ، وإخوته عبد الله ، وعبد الرحمن ، والحارث بنو عبد الله بن أبي ربيعة . وكان أخوه عبد الرحمن تزوج بنت أبي بكر الصديق بعد طلحة ، وولدت له ، وأعقب الحارث ولا عقب لعمر .
وكان عمر شاعرا مجيدا .
روى الزبير بن بكار ، قال: حدثني يعقوب بن أبي إسحاق ، قال: كانت العرب تقر لقريش بالتقدم في كل شيء عليها إلا في الشعر ، فلما كان عمر أقرت له الشعراء بالشعر أيضا .
وقال ابن جريج: ما دخل على العواتق في حجالهن [شيء] أضر عليهن من شعر عمر بن أبي ربيعة . وقال هشام بن عروة: لا ترووا فتياتكم شعر عمر بن أبي ربيعة لا يتورطن في الزنا تورطا .
وكان كثير التشبيب بالنساء ، قلما يرى امرأة إلا ويتشبب بها تشبيب عاشق . وكان يحب زيارتهن ، ويكثر مجالستهن ، فممن شبب بهن سكينة بنت الحسين ، فقال:
قالت سكينة والدموع ذوارف منها على الخدين والجلباب ليت المغيري الذي لم أجزه
فيما أطال تصيدي وطلابي كانت ترد لنا المنى أيامه
أولا تلوم على هوى وتصابي أسكين ما ماء الفرات وطيبه
مني على ظمأ وحب شراب بألذ منك وقد نأيت وقلما
ترعى النساء أمانة الغياب
افعلي بالأسير إحدى ثلاث وافهميهن ثم ردي جوابي
اقتليه قتلا سريحا مريحا لا تكوني عليه سوط عذابي
أو اقتدي فإنما النفس بالنفس قضاء مفصلا في الكتاب
أوصليه وصلا تقر به العين وشر الوصال وصل الكذاب
وحج عبد الملك فلقيه عمر ، فقال له عبد الملك: يا فاسق ، فقال: بئس تحية ابن العم على طول السخط ، قال: يا فاسق ، أما إن قريشا لتعلم أنك أطولها صبوة وأبطؤها توبة ، ألست القائل .
ولولا أن تعنفني قريش فقال الناصح الأوفى الشقيق
لقلت إذا التقينا قبليني ولو كنا على ظهر الطريق
فلما تزوج سهيل بن عبد الرحمن بن عوف الثريا ، قال عمر:
أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل يمان
لما بصرت الثريا بعمر بن ربيعة وهو يطوف حول البيت فتنكرت وفي كفها خلوق ، فرجمته فأثر الخلوق في ثوبه ، فجعل الناس يقولون: يا أبا الخطاب ، ما هذا بزي محرم ، فأنشأ يقول:
أدخل الله رب موسى وعيسى جنة الخلد من ملاني خلوقا
مسحت كفها بجيب قميصي حين طفنا بالبيت مسحا رفيقا
وقد روى محمد بن الضحاك: أن عمر بن أبي ربيعة لما مرض مرض الموت أسف عليه أخوه الحارث ، فقال عمر: يا أخي إن كان أسفك لما سمعت من قولي قلت لها وقالت لي ، فكل مملوك لي حر إن كان كشفت فرجا حراما قط ، فقال الحارث: الحمد لله طيبت نفسي ، وكان له سبعون عبدا . وقد روي عنه أنه لما كبر حلف ألا يقول بيت شعر إلا أعتق رقبة .
وروى الزبير بن بكار ، عن محمد بن الضحاك ، قال: عاش عمر بن [أبي] ربيعة ثمانين سنة فتك منها أربعين سنة ، ونسك أربعين سنة .
وقد روى الزبير بن بكار ، قال: حدثني مصعب بن عثمان: إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة لم تكن له همة إلا عمر بن أبي ربيعة والأحوص . فكتب إلى عامله على المدينة: إني قد عرفت عمر والأحوص بالخبث والشر ، فإذا أتاك كتابي هذا فاشددهما واحملهما إلي - فلما أتاه الكتاب حملهما إليه فأقبل على عمر وقال: هيه فلم أر كالتجميز منظر ناظر كالرمي ، فإذا لم يفلت الناس منك في هذه الأيام فمتى يفلتون ، أما والله لو أهممت بحجبك لم تنظر إلى شيء غيرك ، ثم أمر بنفيه ، فقال: يا أمير المؤمنين ، أو خير من ذلك ، قال: ما هو؟ قال: أعاهد الله -عز وجل- أن لا أعود لمثل هذا الشعر ، ولا أذكر النساء في شعر ، وأجدد توبة على يدك ، قال: أن تفعل؟ قال: نعم .
فعاهد الله على توبته وخلاه .
ثم دعا بالأحوص ، فقال: من يقول:
هي الله بيني وبين قيمها يفر مني بها وأتبعه
وقد اختلفوا في سبب موته على قولين: أحدهما: أن عمر بن عبد العزيز سيره إلى دهلك ثم غزا في البحر فأحرقت السفينة التي كان فيها ، فاحترق هو ومن كان معه . ذكره ابن قتيبة .
والثاني: أنه نظر إلى امرأة مستحسنة في الطواف ، فكلمها فلم تجبه ، فقال لها أبياتا فبلغتها ، فقيل لها: اذكريها لزوجك ينكر عليه ، فقالت: كلا ، لا أشكوها إلا إلى الله فقالت: اللهم إن كان نوه باسمي ظالما فاجعله طعاما للريح . فضرب الدهر ضربة ، فغدا يوما على فرس ، فهبت الريح ، فنزل إلى شجرة ، فخدشه منها غصن فدمي فرمي فيه . فمات من ذلك . وفيها مات أبو الشعثاء جابر بن زيد .
وأبو العالية البراء ، واسمه زياد بن فيروز ، وكان مولى لأعرابية من بني رياح ، وليس بأبي العالية الرياحي ، ذاك كان موته سنة تسعين .
وفيها مات بلال بن أبي الدرداء الأنصاري قاضي دمشق .