وفي هرب ابن المهلب سنة إحدى ومائة
كان فواعد غلمانه يلقونه بالخيل في بعض الأماكن وقيل : بإبل له . ثم نزل من محبسه ومعه جماعة وامرأته عاتكة بنت الفرات العامرية فلما جاءه غلمانه ركب رواحله وسار ، وكتب إلى عمر بن عبد العزيز إني والله ما خرجت من سجنك إلا حين بلغني مرضك ولو رجوت حياتك ما خرجت ولكني خشيت من يزيد بن عبد الملك فإنه يتوعدني بالقتل . وكان يزيد بن عبد الملك يقول : لئن وليت لأقطعن من يزيد بن المهلب طائفة . وذلك أنه لما ولي العراق عاقب أصهاره آل أبي عقيل ، وهم بيت الحجاج بن يوسف الثقفي وكان يزيد بن عبد الملك مزوجا ببنت محمد بن يوسف أخي الحجاج ، وله منها ابنه الوليد بن يزيد الفاسق المقتول . وقيل كان سبب تعذيبهم أن سليمان بن عبد الملك لما ولي الخلافة طلب آل أبي عقيل ، فأخذهم وسلمهم إلى يزيد بن المهلب ليخلص أموالهم ، فعذبهم وبعث ابن المهلب إلى البلقاء من أعمال دمشق ، وبها خزائن الحجاج بن يوسف وعياله ، فنقلهم وما معهم إليه ، وكان فيمن أتي به أم الحجاج زوجة يزيد بن عبد الملك ، ( وقيل : بل أخت لها ، فعذبها ، فأتى يزيد بن عبد الملك ) إلى ابن المهلب في منزله فشفع فيها ، فلم يشفعه ، فقال : الذي قررتم عليها أنا أحمله ، فلم يقبل منه ، فقال لابن المهلب : أما والله لئن وليت من الأمر شيئا لأقطعن منك عضوا ! فقال ابن المهلب : وأنا والله لئن كان ذلك لأرمينك بمائة ألف سيف . فحمل يزيد بن عبد الملك ( ما كان عليها ) ، وكان مائة ألف دينار ، وقيل أكثر من ذلك . ولما بلغ عمر بن عبد العزيز أن يزيد بن المهلب هرب من السجن قال : اللهم إن كان يريد بهذه الأمة سوءا فاكفهم شره ، واردد كيده في نحره . هرب يزيد بن المهلب من السجن حين بلغه مرض عمر بن عبد العزيز
ومر يزيد في طريقه بالهذيل بن زفر بن الحارث ، وكان يخافه ، فلم يشعر الهذيل إلا وقد دخل يزيد ودعا بلبن فشربه ، فاستحيا منه الهذيل وعرض عليه خيله وغيرها ، فلم يأخذ منه شيئا . وقال الواقدي: إنما هرب من سجن عمر بعد موته رضي الله عنه .