عزل أمير العراق - وهو عمر بن هبيرة - ، عن نيابة خراسان وولى عليها سعيد بن عمرو الحرشي ، بإذن أمير المؤمنين ، وكان سعيد هذا من الأبطال المشهورين ، انزعج له الترك ، وخافوه خوفا شديدا ، وتقهقروا من بلاد الصغد إلى ما وراء ذلك من بلاد الصين وغيرها . كان سبب عزله أن المجشر بن مزاحم السلمي وعبد الله بن عمير الليثي قدما على عمر بن هبيرة فشكواه ، فعزله واستعمل سعيد بن عمرو الحرشي ، ( بالحاء المهملة ، والشين المعجمة ، من بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ) . وكان خذينة [ غازيا ] بباب سمرقند ، فبلغه عزله ، وخلف بسمرقند ألف رجل . سعيدا الملقب خذينة
وقيل : إن عمر بن هبيرة كتب إلى يزيد بن عبد الملك بأسماء من أبلى يوم العقر ولم يذكر سعيدا الحرشي ، فقال يزيد : لم لم يذكر الحرشي ؟ وكتب إلى عمر بن هبيرة أن ول الحرشي خراسان ، فولاه ، فقدم بين يديه المجشر بن مزاحم السلمي ، فقال نهار بن توسعة :
فهل من مبلغ فتيان قومي بأن النبل ريشت كل ريش وأن الله أبدل من سعيد
سعيدا لا المخنث من قريش
فلست لعامر إن لم تروني أمام الخيل أطعن بالعوالي
وأضرب هامة الجبار منهم بعضب الحد حودث بالصقال
فما أنا في الحروب بمستكين ولا أخشى مصاولة الرجال
أبى لي والدي من كل ذم وخالي في الحوادث خير خال
فأبوا وخرجوا إلى خجندة ، وأرسلوا إلى ملك فرغانة يسألونه أن يمنعهم وينزلهم مدينته ، فأراد أن يفعل فقالت أمه : لا يدخل هؤلاء الشياطين مدينتك ، ولكن فرغ لهم رستاقا يكونون فيه ، فأرسل إليهم : سموا رستاقا تكونون فيه حتى أفرغه لكم ، وأجلوني أربعين يوما ، وقيل عشرين يوما . فاختاروا شعب عصام بن عبد الله الباهلي ، وكان قتيبة قد خلفه فيهم ، فقال : نعم ، وليس [ لكم ] علي عقد وجوار حتى تدخلوه ، وإن أتتكم [ العرب ] قبل أن تدخلوه لم أمنعكم . فرضوا ، ففرغ لهم الشعب .