الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ولما نزل أبو مسلم بين خندق الكرماني ونصر ، ورأى نصر قوته كتب إلى مروان بن محمد يعلمه حال أبي مسلم وخروجه وكثرة من معه ، فإنه يدعو إلى إبراهيم بن محمد ، وكتب بأبيات شعر :

            أرى بين الرماد وميض نار وأخشى أن يكون له ضرام     فإن النار بالعودين تذكى
            وإن الحرب مبدؤها كلام     فقلت من التعجب ليت شعري
            أأيقاظ أمية أم نيام



            فكتب إليه مروان : إن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، فاحسم الثؤلول قبلك . فقال نصر : أما صاحبكم فقد أعلمكم أنه لا نصر عنده . فكتب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة يستمده ، وكتب له بأبيات شعر :

            أبلغ يزيد وخير القول أصدقه     وقد تيقنت أن لا خير في الكذب
            أن خراسان أرض قد رأيت بها     بيضا لو افرخ قد حدثت بالعجب
            فراخ عامين إلا أنها كبرت     لما يطرن وقد سربلن بالزغب
            ألا تدارك بخيل الله معلمة     ألهبن نيران حرب أيما لهب



            فقال يزيد : لا تكثر فليس له عندي رجل .

            احتياط مروان على إبراهيم الإمام وحبسه فلما قرأ مروان كتاب نصر تصادف وصول كتابه وصول رسول لأبي مسلم إلى إبراهيم ، وقد عاد من عند إبراهيم ومعه جواب أبي مسلم يلعنه إبراهيم ويسبه حيث لم ينتهز الفرصة من نصر والكرماني إذ أمكناه ، ويأمره أن لا يدع بخراسان متكلما بالعربية إلا قتله . فلما قرأ الكتاب كتب إلى عامله بالبلقاء ليسير إلى الحميمة وليأخذ إبراهيم بن محمد فيشده وثاقا ويبعث به إليه ، ففعل ذلك ، فأخذه مروان وحبسه .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية