إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير ، أبو إبراهيم الأنصاري . إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير ، أبو إبراهيم الأنصاري
مولى بني زريق ، قارئ مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمع عبد الله بن دينار ، وشريك بن عبد الله ، ومالك بن أنس ، وغيرهم . وكان ثقة مأمونا . فأقام ببغداد يؤدب علي بن المهدي إلى أن توفي في هذه السنة .
علي بن المهدي ، أبو محمد الهاشمي ، وأمه ريطة بنت أبي العباس . علي بن المهدي ، أبو محمد الهاشمي
تولى أمور الحج وإمارة الموسم غير مرة .
وعن إسماعيل بن علي الخطبي قال : توفي أبو محمد علي ابن أمير المؤمنين المهدي في المحرم من سنة ثمانين ومائة في بستانه بعيساباذ ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، لأن مولده بالري سنة سبع وأربعين ومائة وهو أسن من أخيه الرشيد بشهور .
سلمة بن صالح ، أبو إسحاق الجعفي الأحمر الكوفي . سلمة بن صالح ، أبو إسحاق الجعفي الأحمر الكوفي
حدث عن أبي إسحاق ، وحماد بن أبي سليمان . روى عنه : أحمد بن منيع ، وكان قد ولي القضاء بواسط في زمن الرشيد ثم عزل وقدم بغداد فأقام بها إلى أن مات .
وكان سبب عزله عن واسط : أن هشيم بن بشير تقدم مع خصم له إليه ، فكلم الخصم هشيما بكلمة ، فرفع هشيم يده ، فلطم الخصم ، فأمر سلمة بهشيم فضرب عشر درر وقال : تتعدى على خصمك بحضرتي ؟ فأغضب ذلك مشيخة واسط ، فخرجوا إلى الرشيد ، فلقوه بمكة يطوف ، فكلموه في سلمة وقالوا : لسنا نطعن عليه ، ولكن رجل موضع رجل . فأمر بعزله وتقليد سواه .
وعن محمد بن خلاس قال : لما عزل شريك عن القضاء تعلق به رجل ببغداد فقال : يا أبا عبد الله ، لي عليك ثلاثمائة درهم فأعطنيها . قال : ومن أنا ؟ قال : أنت شريك بن عبد الله ، القاضي . قال : ومن أين هي لك ؟ قال : ثمن هذا البغل الذي تحتك . قال : نعم ، تعال . فجاء يمشي معه ، حتى إذا بلغ الجسر قال : من ها هنا ؟ فقام إليه أولئك الشرط ، فقال : خذوا هذا فاحبسوه ، لئن أطلقتموه لأخبرن أبا العباس عبد الله بن مالك . فقالوا : إن هذا الرجل يتعلق بالقاضي [إذا عزل ] فيدعي عليه فيفتدي منه ، قد تعلق بسلمة الأحمر حين عزل عن واسط ، فأخذ منه أربعمائة درهم ، فقال : هكذا ؟ فكلم فيه ، فأبى أن يطلقه ، فقال له عبد الله بن مالك : إلى كم يحبس ؟ قال : إلى أن يرد على سلمة الأحمر أربعمائة درهم . قال : فرد على سلمة الأحمر أربعمائة درهم ، فجاء سلمة إلى شريك فشكر له ، فقال له : يا ضعيف كل من سألك مالك أعطيته إياه .
اضطرب على سلمة حفظه فضعفه أصحاب الحديث ، وتوفي ببغداد في هذه السنة . وقيل : في سنة ست وثمانين . وقيل : سنة ثمان وثمانين .
الضحاك بن عثمان بن عبد الله بن خالد بن حزام . الضحاك بن عثمان بن عبد الله بن خالد بن حزام
كان علامة قريش بالمدينة بأخبارها ، وأشعارها ، وأيامها ، وأيام العرب وأشعارها ، وأيامها . وكان من أكبر أصحاب مالك بن أنس هو وأبوه ، ولما استعمل عبد الله بن مصعب بن ثابت على اليمن وجه الضحاك خليفة له عليها ، وفرض له كل سنة ألف دينار ، وكلم له الخليفة فأعطاه أربعين ألف درهم ، وكان محمود السيرة .
وتوفي بمكة عند منصرفه من اليمن يوم التروية من هذه السنة .
عباد بن عباد بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة عباد بن عباد بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة ، أبو معاوية البصري .
سمع هشام بن عروة . وروى عنه : أحمد بن حنبل ، وأبو عبيد ، وكان ثقة صدوقا ، غزير العقل ، ذا هيئة حسنة .
وتوفي في هذه السنة . وقيل : سنة إحدى وثمانين .
عبد الوارث بن سعيد ، أبو عبيدة التميمي . عبد الوارث بن سعيد ، أبو عبيدة التميمي ، مولى بني العنبر
شهد له شعبة بالإتقان . وتوفي في هذه السنة .
عافية بن يزيد بن قيس القاضي . عافية بن يزيد بن قيس القاضي
ولاه المهدي القضاء ببغداد في الجانب الشرقي ، وحدث عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، والأعمش ، وغيرهما . وكان من أصحاب أبي حنيفة الذين يجالسونه ، فكان أصحابه يخوضون في مسألة فإن لم يحضر عافية قال أبو حنيفة : لا ترفعوا المسألة حتى يحضر عافية ، فإذا حضر ، فإن وافقهم قال أبو حنيفة : أثبتوها ، وإن لم يوافقهم قال أبو حنيفة : لا تثبتوها .
وكان عافية هو وابن علاثة فكانا يقضيان في عسكر المهدي في جامع الرصافة ، هذا في أدناه وهذا في أعلاه .
وعن إسماعيل بن إسحاق القاضي ، عن أشياخه قال : كان عافية القاضي يتقلد للمهدي القضاء ، وكان عافية عالما زاهدا ، فصار إلى المهدي في وقت الظهر في يوم من الأيام وهو خال ، فاستأذن عليه فأدخله ، فإذا معه قمطرة فاستعفاه من القضاء واستأذنه في تسليم القمطر إلى من يأمر بذلك ، فظن أن بعض الولاة قد غض منه ، أو أضعف يده في الحكم ، فقال له في ذلك ، فقال له : ما جرى من هذا شيء ، قال : فما كان سبب استعفائك ؟ قال : كان يتقدم إلي خصمان موسران وجيهان منذ شهرين في قضية معضلة مشكلة ، وكل يدعي بينة وشهودا ، ويدلي بحجج تحتاج إلى تأمل وتثبت ، فرددت الخصوم رجاء أن يصطلحوا أو يتبين لي وجه فصل ما بينهما . قال : فوقف أحدهما من خبري على أني أحب الرطب السكر ، فعمد في وقتنا - وهو أول أوقات الرطب - إلى أن جمع لي رطبا سكرا لا يتهيأ في وقتنا جمع مثله إلا لأمير المؤمنين ، وما رأيت أحسن منه ورشا بوابي جملة دراهم على أن يدخل الطبق إلي ولا يبالي أن يرد ، فلما دخل إلي أنكرت ذلك وطردت بوابي وأمرت برد الطبق ، فلما كان اليوم تقدم إلي مع خصمه فما تساويا في قلبي ولا في عيني ، وهذا يا أمير المؤمنين ولم أقبل فكيف يكون حالي لو قبلت ، ولا آمن أن تقع علي حيلة في ديني فأهلك ، وقد فسد [الناس ] . فأقلني أقالك الله وأعفني ، فأعفاه .
وعن عبد الملك بن قريب الأصمعي : أنه قال : كنت عند الرشيد يوما ، فرفع إليه في قاض يقال له : عافية ، فكبر عليه ، فأمر بإحضاره ، فأحضر ، وكان في المجلس جمع كبير ، فجعل أمير المؤمنين يخاطبه ويوقفه على ما رفع إليه ، وطال المجلس ، ثم إن أمير المؤمنين عطس فشمته من كان بالحضرة ممن قرب منه سواه ، فإنه لم يشمته ، فقال له الرشيد : ما بالك لم تشمتني كما فعل القوم ؟ فقال له عافية [لأنك ] يا أمير المؤمنين لم تحمد الله ، فلذلك لم أشمتك ، هذا النبي صلى الله عليه وسلم عطس عنده رجلان فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر ، فقال يا رسول الله ، ما بك شمت ذلك ولم تشمتني ؟ قال : "لأن هذا حمد الله فشمتناه وأنت لم تحمده فلم أشمتك " . فقال له الرشيد : ارجع إلى عملك ، فأنت لم تسامح في عطسة تسامح في غيرها ؟ وصرفه منصرفا جميلا وزبر القوم الذين كانوا رفعوا عليه .
وعن ابن الأعرابي قال : خاصم أبو دلامة رجلا إلى عافية فقال :
لقد خاصمتني غواة الرجا ل وخاصمتهم سنة وافيه فما دحض الله لي حجة
وما خيب الله لي قافيه فمن كنت من جوره خائفا
فلست أخافك يا عافيه
فقال له عافية : لأشكونك إلى أمير المؤمنين . قال : لم تشكوني ؟ قال : لأنك هجوتني قال : والله لئن شكوتني ليعزلنك . قال : ولم ؟ قال : لأنك لم تعرف الهجاء من المديح . عمرو بن عثمان بن قنبر ، أبو بشر ، المعروف بسيبويه النحوي - . وقيل : مولى آل الربيع بن زياد . عمرو بن عثمان بن قنبر ، أبو بشر ، المعروف بسيبويه النحوي ، مولى بني الحارث بن كعب
وتفسير سيبويه : رائحة التفاح ، وكانت والدته ترقصه في الصغر بذلك .
قال إبراهيم الحربي : سمي سيبويه لأن وجنتيه كانتا كأنهما تفاحة .
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى : وكان سيبويه يصحب المحدثين والفقهاء ، ويطلب الآثار ، وكان يستملي على حماد بن سلمة ، فلحن في حرف ، فعابه حماد فأنف من ذلك ، ولزم الخليل فبرع في النحو ، وقدم بغداد وناظر الكسائي .
وعن إبراهيم الحربي قال : سمعت ابن عائشة يقول : كنا نجلس مع سيبويه النحوي في المسجد ، وكان شابا جميلا نظيفا ، قد تعلق من كل علم بسبب ، وضرب في كل أدب بسهم مع حداثة سنه وبراعته في النحو .
قال التاريخي بسنده عن محمد بن سلام قال : كان سيبويه جالسا في حلقة بالبصرة ، فتذاكرنا شيئا من حديث قتادة ، فذكر حديثا غريبا وقال : لم يرو هذا غير سعيد بن أبي العروبة . فقال له بعض من حضر : ما هاتان الزيادتان يا أبا بشر ؟ قال : هكذا يقال ، لأن العروبة يوم الجمعة ، فمن قال عروبة فقد أخطأ ، قال ابن سلام : فذكرت ذلك ليونس فقال : أصاب ، لله دره .
قال أبو سعيد السيرافي : أخذ سيبويه اللغات عن أبي الخطاب الأخفش وغيره ، وعمل كتابه الذي لم يسبقه أحد إلى مثله ولا لحق به من بعده ، وكان كتابه لشهرته عند النحويين علما ، فكان يقال بالبصرة قرأ فلان للكتاب فيعلم أنه كتاب سيبويه ، وكان المبرد إذا أراد مريد أن يقرأ عليه كتاب سيبويه يقول له : هل ركبت البحر . تعظيما له واستصعابا لما فيه .
وقال السيرافي : لم نعلم أحدا قرأ كتاب سيبويه عليه ، إنما قرئ بعده على أبي الحسن الأخفش ، ورأيت في تعاليق أبي عبد الله المرزباني : قال ثعلب : اجتمع أربعون نفسا حتى عملوا كتاب سيبويه هو أحدهم ، وهو أصول الخليل ونكته فادعاه سيبويه ، وأنا أستبعد هذا لأن مثله لا يخفى ، والكل قد سلموا للرجل .
وعن أبو بكر العبدي قال : لما قدم سيبويه بغداد ، فناظر سيبويه الكسائي وأصحابه ، فلم يظهر عليهم ، فسأل من يبذل من الملوك ويرغب في النحو ؟ فقيل له : طلحة بن طاهر . فشخص إلى خراسان ، فلما انتهى إلى ساوة مرض مرضه الذي مات فيه ، فتمثل عند الموت :
يؤمل دنيا لتبقى له فمات المؤمل قبل الأمل
حثيثا يروي أصول الفسيل فعاش الفسيل ومات الرجل
وعن أبو الحسن المدائني قال : قال أبو عمرو بن يزيد : احتضر سيبويه فوضع رأسه في حجر أخيه ، فأغمي عليه فدمعت عين أخيه فأفاق فرآه يبكي فقال :
فكنا جميعا فرق الدهر بيننا إلى الأمد الأقصى فمن يأمن الدهرا ؟
توفي سيبويه في هذه السنة . وقيل : في التي قبلها .
قال أبو بكر الخطيب : ويقال أن سنه كانت اثنتين وثلاثين سنة .
عفيرة العابدة . عفيرة العابدة
كانت طويلة الحزن ، كثيرة البكاء ، قدم أخ لها ، فبشرت بقدومه ، فبكت ، فقيل لها هذا وقت بكاء ؟ فقالت : ما أجد للسرور في قلبي مسكنا مع ذكر الآخرة ، ولقد أذكرني قدومه يوم القدوم على الله فمن بين مسرور ومثبور .
وعن محمد بن عبيد قال : دخلنا على امرأة بالبصرة يقال لها : عفيرة ، فقيل لها : [يا عفيرة ] ، ادعي الله لنا . فقالت : لو خرس الخاطبون ما تكلمت عجوزكم ، ولكن المحسن أمن المسيء بالدعاء ، جعل الله قراكم من بيتي في الجنة ، وجعل الموت مني ومنكم على بال .
مسلم بن خالد بن سعيد بن خرجة ، أبو خالد . ويلقب : الزنجي مسلم بن خالد بن سعيد بن خرجة ، أبو خالد . ويلقب : الزنجي .
كان فقيها ، عابدا ، يصوم الدهر .
توفي بمكة في هذه السنة ، لكنه كان كثير الغلط والخطأ في حديثه .
حسان بن سنان حسان بن سنان
حسان بن سنان بن أوفى بن عوف التنوخي الأنباري ، ولد سنة ستين ، ورأى أنس بن مالك ودعا له ، فجاء من نسله قضاة ووزراء وصلحاء ، وأدرك الدولتين ، وكان نصرانيا فأسلم وحسن إسلامه ، وكان يكتب بالعربية والفارسية والسريانية ، وكان يعرب الكتب بين يدي ربيعة لما ولاه السفاح الأنبار .
عبد الوارث بن سعيد التنوري وفيها توفي عبد الوارث بن سعيد التنوري ، أحد الثقات .
وفي هذه السنة توفي المبارك بن سعيد الثوري أخو سفيان ، وسعيد بن خثيم ، وأبو عبيدة عبد الوارث بن سعيد ، وعبد العزيز بن أبي حازم ، وتوفي وهو ساجد ، وأبو ضمرة أنس بن عياض الليثي المدني .