الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            ثم دخلت سنة تسع ومائتين

            ذكر الظفر بنصر بن شبث

            وفي هذه السنة حصر عبد الله بن طاهر نصر بن شبث بكيسوم ، وضيق عليه ، حتى طلب الأمان ، فقال محمد بن جعفر العامري : قال المأمون لثمامة بن أشرس : ألا تدلني على رجل من أهل الجزيرة له عقل وبيان يؤدي ( عني ما أوجبه إلى نصر ؟

            قال : بلى يا أمير المؤمنين ، محمد بن جعفر العامري . فأمر بإحضاري فحضرت ، فكلمني بكلام أمرني أن أبلغه نصرا ، وهو بكفر عزون ، بسروج ، فأبلغته نصرا ، فأذعن وشرط شروطا ، منها أن لا يطأ بساطه ، فلم يجبه المأمون إلى ذلك ، وقال : ما باله ينفر مني ؟ قلت : لجرمه ، وما تقدم من ذنبه .

            قال : أفتراه أعظم جرما من الفضل بن الربيع ، ومن عيسى بن محمد بن أبي خالد ؟ أما الفضل فأخذ قوادي ، وأموالي ، وسلاحي ، وجميع ما أوصى به الرشيد لي ، فذهب به إلى محمد أخي ، وتركني بمرو فريدا وحيدا ، وسلمني ، وأفسد علي أخي حتى كان من أمره ما كان ، فكان أشد علي من كل شيء . وأما عيسى بن أبي خالد فإنه طرد خليفتي من مدينتي ومدينة آبائي ، وذهب بخراجي وفيئي ، وأخرب داري ، وأقعد إبراهيم خليفة دوني .

            قال : قلت : يا أمير المؤمنين ! أتأذن لي في الكلام ؟

            قال : تكلم . قال : قلت : أما الفضل بن الربيع فإنه صنيعكم ومولاكم ، وحال سلفه حالهم ، فترجع إليه بضروب كلها تردك إليه . وأما عيسى فرجل من دولتك وسابقته وسابقة من مضى من سلفه ( معروفة ، يرجع عليه بذلك ) .

            وأما نصر فرجل لم يكن له يد قط ، فيحتمل كهؤلاء لمن مضى من سلفه ) وإنما كانوا من جند بني أمية .

            قال : إنه كما تقول ، ولست أقلع عنه حتى يطأ بساطي .

            قال : فأبلغت نصرا ذلك ، فصاح بالخيل ، فجالت إليه ، فقال : ويلي عليه ، هو لم يقو على أربعمائة ضفدع تحت جناحه - يعني الزط - يقوى علي بحلبة العرب ؟ فجاده عبد الله بن طاهر القتال ، وضيق عليه ، فطلب الأمان ، فأجابه إليه ، وتحول من معسكره إلى الرقة ، [ وصار ] إلى عبد الله ، وكانت مدة حصاره ومحاربته خمس سنين ، فلما خرج إليه أخرب عبد الله حصن كيسوم ، وسير نصرا إلى المأمون ، فوصل إليه في صفر سنة عشر ومائتين .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية