الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            ثم دخلت سنة أربع عشرة ومائتين

            ذكر قتل محمد الطوسي

            فيها قتل محمد بن حميد الطوسي ، قتله بابك الخرمي ، وسبب ذلك أنه لما فرغ من أمر المتغلبين على طريقه إلى بابك سار نحوه وقد جمع العساكر والآلات والميرة ، فاجتمع معه عالم كثير من المتطوعة من سائر الأمصار ، فسلك المضايق إلى بابك ، وكان كلما جاوز مضيقا أو عقبة ترك عليه من يحفظه من أصحابه إلى أن نزل بهشتادسر ، وحفر خندقا ، وشاور في دخول بلد بابك ، فأشاروا عليه بدخوله من وجه ذكروه له ، فقبل رأيهم ، وعبى أصحابه ، وجعل على القلب محمد بن يوسف بن عبد الرحمن الطائي ، المعروف بأبي سعيد ، وعلى الميمنة السعدي بن أصرم ، وعلى الميسرة العباس بن عبد الجبار اليقطيني ، ووقف محمد بن حميد خلفهم في جماعة ينظر إليهم ، ويأمرهم بسد خلل إن رآه ، فكان بابك يشرف عليهم من الجبل ، وقد كمن لهم من الرجال تحت كل صخرة .

            فلما تقدم أصحاب محمد ، وصعدوا في الجبل مقدار ثلاثة فراسخ ، خرج عليهم الكمناء ، وانحدر بابك إليهم فيمن معه ، وانهزم الناس ، فأمرهم أبو سعيد ومحمد بن حميد بالصبر ، فلم يفعلوا ، ومروا على وجوههم ، والقتل يأخذهم ، وصبر محمد بن حميد مكانه ، وفر من كان معه غير رجل واحد ، وسارا يطلبان الخلاص ، فرأى جماعة وقتالا ، فقصدهم ، فرأى ( الخرمية يقاتلون طائفة من أصحابه ، فحين رآه الخرمية قصدوه لما رأوا من حسن ) هيئته ، فقاتلهم وقاتلوه ، وضربوا فرسه بمزراق ، فسقط إلى الأرض ، وأكبوا على محمد بن حميد فقتلوه .

            وكان محمد ممدحا جوادا ، فرثاه الشعراء وأكثروا ، منهم الطائي ، فلما وصل خبر قتله إلى المأمون عظم ذلك عنده. فبعث المأمون إسحاق بن إبراهيم ، ويحيى بن أكثم إلى عبد الله بن طاهر يخيرانه بين خراسان ونيابة الجبال وأذربيجان وأرمينية ، لمحاربة بابك فاختار المقام بخراسان ، لكثرة احتياجها إلى الضبط ، وللخوف من ظهور الخوارج بها .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية