الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ظهور سحاب أسود بالشام

            في هذه السنة في الرابع والعشرين من أيار ، ظهر بالشام سحاب أسود أظلمت له الدنيا ، وصار الجو كالليل المظلم ، ثم طلع بعد ذلك سحاب أحمر كأنه نار أضاءت له الدنيا ، وهبت ريح عاصف ألقت كثيرا من الشجر ، وكان أشد ذلك بحوران ودمشق ، وجاء بعده مطر شديد وبرد كبار . عودة مؤيد الدين من صرخد إلى دمشق

            وفيها عاد مؤيد الدين أبو الفوارس المسيب بن علي بن الحسين المعروف بابن الصوفي - من صرخد إلى دمشق .

            وكان قد أخرج هو وأهله من دمشق إلى صرخد ، فبقوا فيها إلى الآن وعادوا ، وولي أبو الفوارس الرئاسة بدمشق ، وكان محبوبا عند أهلها ، وتمكن تمكنا عظيما ، وكان ذا رئاسة عظيمة ومروءة ظاهرة . مسير أتابك زنكي إلى دقوقا

            وفيها سار أتابك زنكي إلى دقوقا وملكها بعد أن قاتل على قلعتها قتالا شديدا . القبض على أبي الكرم الوالي

            وقبض الشحنة على أبي الكرم الوالي إلى رباط أبي النجيب ، فتاب وحلق شعره ولبس خرقة التصوف استقالة من الظلم ، ثم خلع عليه وأعيد إلى شغله . موت الفجاءة في همذان وأصفهان

            وورد الخبر بموت الفجاءة في همذان وأصفهان فمات منهم ألوف حتى أغلقت الدور ، ثم أعيدت الجباية من العقار وضوعفت ، ثم قطعت الجبايات ، ووقعت مصادرات لأهل الأموال حتى إنهم أخذوا بإذخر الجوهري على رأس جمال ليصادر . جلوس ابن الخجندي للتدريس في النظامية

            وفي يوم السبت ثاني عشرين ربيع الأول: جلس ابن الخجندي مدرسا في النظامية . القبض على صاحب المخزن

            وفي يوم الاثنين رابع وعشرين من الشهر: قبض على صاحب المخزن ووكل به في دار السلطان على بقية ما استقر عليه من المال ، ومات رجل فأخذ ماله أصحاب التركات فعاد أصحاب السلطان وأخذوا ماله من المخزن ، وأخذت تركات الحشرية من الخليفة ، وأخذوا الحفارين والغسالين وكتبوا عليهم ، وأشهدوا أن لا يكتموهم شيئا فصاروا لا يقدرون على قبر ميت إلا برقعة من العميد ، ولم يبق للخليفة إلا العقار الخاص ، وأعيد صاحب المخزن بعد أن كفل به جماعة وكتبوا خطوطهم بالضمان الوزير وسديد الدولة . جلوس أبو النجيب بالقصر للتدريس

            وفي يوم الاثنين تاسع ربيع الآخر: جلس أبو النجيب في دار رئيس الرؤساء بالقصر للتدريس وجعلت الدار مدرسة وحضر عنده جماعة من الفقهاء والقضاة . بناء دكة في جامع القصر لأبي يعلى بن الفراء

            وفي يوم الجمعة ثالث عشر: بنيت دكة في جامع القصر للقاضي أبي يعلى بن الفراء في الموضع الذي كان يجلس فيه ، ثم نقضت في يوم الخميس ثامن عشر ، ومنع من كان يجلس ونودي بالجلوس في النظامية يوم الاثنين ثالث وعشرين الشهر فاجتمع خلق عظيم ، فحضر وزير السلطان فقعد والمستوفي والشحنة ونظر وسديد الدولة وجماعة الفقهاء والقضاة وحضرت يومئذ فكان لا يحسن يعظ ولا ندار في ذلك . سرقة سفينة من قبل العيارون

            وفي خامس عشر جمادى الأولى: جاء العيارون ليلا إلى سفينة قد ملئت رجالا وأموالا كثيرة لتنحدر إلى واسط ، فحلوا رباطها من تحت التاج ، وأحدروها وأخذوا ما فيها ، وكان السلطان في بغداد . أعيدت بلاد الخليفة ومعاملاتها إليه والتركات

            وفي هذا الشهر: أعيدت بلاد الخليفة ومعاملاتها إليه والتركات ، واستقر عن ذلك عشرة آلاف دينار . الإشهار بأربع نساء

            وفي رابع وعشرين هذا الشهر: أشهر أربع نسوة في الأسواق على بقر السائقين مسودات الوجوه لأنهن شربن المسكر في الشط مع رجال . عودة السلطان إلى بغداد

            وفي يوم السبت حادي عشر جمادى الآخرة: عاد السلطان إلى بغداد بعد أن كان قد خرج ، وكان السبب مكاتبة وردت من الموصل إلى دار الخلافة ، فأنفذت إليه فاستعادوه ، وحكى أنه كان في المكاتبة أن عسكر الموصل والخليفة قد تحركوا للمجيء . عملة عظيمة بباب الأزج



            وعملت عملة عظيمة بباب الأزج أخذ فيها شيء بألوف دنانير ، وكانت خبازة تخبز لأولئك القوم ، فحدثت ابنها بمالهم الكثير فحدث ذلك الرجل رفقة له من العيارين ، فجاءوا في الليل فنقلوا ما في الدار فقالت صاحبة الدار لأمها: لما خرجوا نحمد الله إذ لم يدخلوا العرضي فإن فيه الحبوب والأمتعة ، فسمعوا فعادوا ودخلوا وأخذوا ذلك ، وقالوا:

            لا تتهموا أحدا نحن الحماة بالموضع الفلاني ، فسمع الجيران ومضوا فأخذ الشحنة أقواما من أولئك فصلبهم على جذوع ، ثم أخذ منهم أموالا وحطهم في عافية . اعتداء ثلاثة عيارين على أبي العز الحمامي

            ومن العجائب أن ثلاثة من العيارين وقفوا في طريق الظفرية ليلا ، فمر بهم أبو العز الحمامي فأخذوا ثيابه ثم تطلبوا وأخذ منهم اثنان ، فلما كان بعد يومين جاء الثالث [هاربا] من الرجالة ، فدخل الحمام الذي فيه أبو العز الذي أخذت ثيابه فخلع الثياب على الفرند وهي قميصان وخشية فرآها الحمامي فعرفها فدخل إليه ، وقال له: من أين لك هذه الثياب؟ فأقر أنه أخذها منه تلك الليلة ، فنفذ إلى المستخدمين فأخذوه ولم يجدوا كتافا ففتشوا جيبه لعلهم يجدون شيئا من الذهب ، فوجدوا حبلا مهيأ للكتاف فكتفوه . صيام أهل بغداد رمضان ثلاثين يوما

            وفيها صام أهل بغداد رمضان ثلاثين يوما ، ولم يروا الهلال ليلة إحدى وثلاثين مع كون السماء كانت مصحية .

            قال ابن الجوزي : وهذا شيء لم يقع مثله .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية