الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            في هذه السنة ملك حسام الدين تمرتاش إيلغازي صاحب ماردين قلعة الهتاخ من بلاد ديار بكر ، أخذها من بعض بني مروان الذين كانوا ملوك ديار بكر جميعها ، وهذا آخر من بقي منهم له ولاية ، فسبحان الحي الدائم الذي لا يزول ملكه ، ولا يتطرق إليه النقص ولا التغيير . وفيها انقطعت كسوة الكعبة ، لما ذكرناه من الاختلاف ، فقام بكسوتها رامشت التاجر الفارسي ، كساها من الثياب الفاخرة بكل ما وجد إليه سبيل ، فبلغ ثمن الكسوة ثمانية عشر ألف دينار مصرية ، وهو من التجار المسافرين إلى الهند كثير المال . وفيها قتل السلطان مسعود ابن البقش السلاحي شحنة بغداد ، وكان قد ظلم الناس وعسفهم ، وفعل ما لم يفعله غيره من الظلم ، فقبض عليه وسيره إلى تكريت ، فسجنه بها عند مجاهد الدين بهروز ، ثم أمر بقتله ، فلما أرادوا قتله ألقى بنفسه في دجلة فغرق ، فأخذ رأسه ، وحمل إلى السلطان ، وجعل السلطان شحنة العراق مجاهد الدين بهروز ، فعمل أعمالا صالحة منها :

            أنه عمل مسناة النهروان وأشباهها ، وكان حسن السيرة كثير الإحسان . وفيها درس الشيخ أبو منصور بن الرزاز بالنظامية ببغداد . وأرسل إلى أتابك زنكي في إطلاق قاضي القضاة الزينبي فأطلق ، وانحدر إلى بغداد ، فخلع عليه الخليفة ، وأقره على منصبه . وفيها كان بخرسان غلاء شديد طالت مدته وعظم أمره ، حتى أكل الناس الكلاب والسنانير وغيرهما من الدواب ، وتفرق أكثر أهل البلاد من الجوع . وفيها توفي طغان أرسلان صاحب بدليس وأرزن من ديار بكر ، وولي بعده ابنه فرني ، واستقام له الأمر . فيها في شهر صفر ، جاءت زلزلة عظيمة بالشام ، والجزيرة ، وديار بكر ، والموصل ، والعراق ، وغيرها من البلاد ، فخربت كثيرا منها ، وهلك تحت الهدم عالم كثير . ومن الحوادث فيها:

            [جيء بأحد عشر عيارا فصلبوا في الأسواق]

            أنه جيء بأحد عشر عيارا فصلبوا في الأسواق وصلب رجل صوفي [من رباط البسطامي ] لكم صبيا فمات . وفي جمادى الآخرة: قتل الشحنة صبيا مستورا من المختارة ، فأمر السلطان بصلب الشحنة فصلب وحطه العوام فقطعوه . وفيها ولد السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي بقلعة تكريت . وفيها حج بالناس الأمير نظر الخادم ، وكذا في السنوات التي قبلها ، أثابه الله تعالى .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية