ثم دخلت سنة إحدى وأربعين وخمسمائة 
ذكر ملك الفرنج طرابلس الغرب  
في هذه السنة ملك الفرنج ، لعنهم الله ، طرابلس الغرب ; وسبب ذلك أن رجار ملك صقلية جهز أسطولا كثيرا وسيره إلى طرابلس ، فأحاطوا بها برا وبحرا ، ثالث المحرم ، فخرج إليهم أهلها وأنشبوا القتال ، فدامت الحرب بينهم ثلاثة أيام . 
فلما كان اليوم الثالث سمع الفرنج بالمدينة ضجة عظيمة ، وخلت الأسوار من المقاتلة ، وسبب ذلك أن أهل طرابلس كانوا قبل وصول الفرنج بأيام يسيرة قد اختلفوا ، فأخرج طائفة منهم بني مطروح ، وقدموا عليهم رجلا من الملثمين قدم يريد الحج ومعه جماعة ، فولوه أمرهم ، فلما نازلهم الفرنج أعادت الطائفة الأخرى بني مطروح ، فوقعت الحرب بين الطائفتين ، وخلت الأسوار ، فانتهز الفرنج الفرصة ونصبوا السلالم ، وصعدوا على السور ، واشتد القتال فملكت الفرنج المدينة عنوة بالسيف ، فسفكوا دماء أهلها وسبوا نساءهم وأموالهم ، وهرب من قدر على الهرب ، والتجأ إلى البربر والعرب ، فنودي بالأمان في الناس كافة ، فرجع كل من فر منها . 
وأقام الفرنج ستة أشهر حتى حصنوا أسوارها وحفروا خندقها ، ولما عادوا أخذوا رهائن أهلها ومعهم بنو مطروح والملثم ، ثم أعادوا رهائنهم ، وولوا عليها رجلا من بني مطروح ، وتركوا رهائنه وحده ، واستقامت أمور المدينة ، وألزم أهل صقلية والروم بالسفر إليها ، فانعمرت سريعا وحسن حالها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					