في هذه السنة :
استشعر السلطان مسعود من سليمان شاه فراسل الأمير عباسا واستصلحه فلما تم ذلك قبض على سليمان شاه وحمله إلى القلعة وحضر عباس من خدمته السلطان بالري وسلمها ثم اجتمع الأمراء عند مسعود ببغداد فتكلموا على عباس فقتل . ومن الحوادث فيها :
أنه في ليلة الاثنين مستهل ربيع الآخر ، وكان تلك الليلة قد اجتمع الخليفة بخاتون فيه ، وجمعوا من الأواني والأثاث والزي كل طريف ، وعزموا على المقام فيه ثلاثة أيام فما أحسوا إلا والنار قد لفحتهم من أعلى القصر ، وكانوا نياما في أعلاه ، وكان السبب أن جارية كانت بيدها شمعة فعلقت بأطراف الخيش فأصبح الخليفة فأخرج المحبوسين وتصدق بأشياء .وفي ثالث جمادى الآخرة : خلع على ابن المرخم خلعة سوداء ، وطيف به في الأسواق فقلد القضاء يحضر من أي صقع شاء وليس على يده يد ، وكان مطيلسا بغير حنك ثم ترك الطيلسان . وفي رجب : وقع الحريق في القصر الذي بناه المسترشد في البستان الذي على مسناة باب الغربة ، وعمل دار ضرب فقبض الخليفة على ضراب كان سبب إقامة دار الضرب لمسعود فنفذ الشحنة فقبض على حاجب الباب ابن الصاحب وعلى أربعة أنفس خواص وقال لا أسلمهم حتى يخلوا صاحبي ، وكان ذلك يوم الجمعة تاسع عشر شعبان فنفذ الخليفة فأخرج من في الجامع وغلقه وأمر بغلق المساجد فبقيت ثلاثة أيام كذلك ثم تقدموا بفتحها ولم يسلم لهم الضراب وأطلق حاجب الباب يوم الخميس خامس عشرين شعبان. دخل السلطان مسعود إلى بغداد
وخطب ابن العبادي بجامع القصر في رمضان ، فاجتمع خلق لا يحصى . وفي يوم الجمعة خامس عشر ذي القعدة : جلس ابن العبادي الواعظ بجامع السلطان ، وحضر عنده السلطان مسعود فوعظه وعرض بذكر حق البيع وذكر ما يجري على المسلمين من ذلك ، ثم قال له : يا سلطان العالم أنت تهب مثله لمطرب ومغن بقدر هذا المأخوذ من المسلمين تهبه لي وتحسبني ذلك المطرب واتركه للمسلمين وافعله شكرا لما أنعم الله به عليك من بلوغ الأغراض فأشار بيده إني قد فعلت فارتفعت الضجة بالدعاء له ونودي في البلد بإسقاطه وولي ابن الصيقل حجبة الباب وخلع على نقيب النقباء خلع النقابة . وانتشر جراد عظيم ، وطيف بالألواح التي نقش عليها ترك المكس في الأسواق ، وضربت بين يديها الدبادب والبوقات . وفيها : حج الوزير نظام الدين أبو المظفر بن علي بن جهير ، وحججت أنا ومعي الزوجة والأطفال ، وكنت أرى الوزير في طريق مكة متواضعا وقد عاد له أبو نصر الكرخي . وخرج في هذه السنة التشرينان وكانون الأول ، ولم يأت مطر إلا قطرات لا تبل الأرض ، وأشرفت المواشي على العطب من قلة العشب ، وظهر بالناس علة انتفاخ الحلق ، فمات به خلق كثير ، وغارت المياه من الأنهار والآبار .