الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            في هذه السنة أمر علاء الدين محمود بن مسعود الغالب على أمر طريثيث التي بيد الإسماعيلية ، بإقامة الخطبة للخليفة ، ولبس السواد ، ففعل الخطيب ذلك ، فثار به عمه وأقاربه ومن وافقهم ، وقاتلوه ، وكسروا المنبر وقتلوا الخطيب .

            وكان فعل علاء الدين هذا لأن أباه كان مسلما ، فلما تغلب الإسماعيلية على طريثيث أظهر موافقتهم ، وأبطن اعتقاد الشريعة ، وكان يناظر على مذهب الشافعي ، وازداد تقدما بطريثيث ، وجرت أمورها بإرادته ; فلما حضره الموت أوصى أن يغسله فقيه شافعي ، وأوصى إلى ابنه علاء الدين إن أمكنه أن يعيد فيها إظهار شريعة الإسلام فعل . فلما رأى من نفسه قوة فعله ، فلم يتم له . وفيها كثر المرض بالعراق لا سيما ببغداد ، وكثر الموت أيضا فيها ، ففارقها السلطان مسعود . وفيها استوزر عبد المؤمن صاحب بلاد المغرب أبا جعفر بن أبي أحمد الأندلسي ، وكان مأسورا عنده ، فوصف له بالعقل وجودة الكتابة ، فأخرجه من الحبس واستوزره ، وهو أول وزير كان للموحدين . وفي هذه السنة ، في المحرم ، جلس يوسف الدمشقي مدرسا في النظامية ببغداد ، وكان جلوسه بغير أمر الخليفة ، فمنع ، يوم الجمعة ، من دخول الجامع ، فصلى في جامع السلطان ، ومنع من التدريس ، فتقدم السلطان مسعود إلى الشيخ أبي النجيب بأن يدرس فيها ، فامتنع بغير أمر الخليفة فاستخرج السلطان إذن الخليفة في ذلك ، فدرس منتصف المحرم من السنة . وزادت دجلة فبلغ الماء إلى باب المدرسة ،  ومنع الجواز من طريق الرباط ودخلت السفن الرقة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية