الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر .

            رشيد الخادم

            رشيد الخادم : كان صاحب أصبهان . توفي في هذه السنة .

            أبو محمد القصاب ويعرف بالشحام

            سلمان بن مسعود بن الحسين بن حامد ، أبو محمد القصاب ، ويعرف بالشحام :

            ولد سنة سبع وسبعين وسمع ثابتا ، وابن الطيوري ، ويحيى بن منده ، وغيرهم ، وكان سماعه صحيحا ، وكان من أهل السنة ، قرأت عليه كثيرا من حديثه .

            وتوفي في هذه السنة ، ودفن بمقبرة باب حرب . أبو الحسن الغزنوي

            علي بن الحسين ، أبو الحسن الغزنوي :

            قدم بغداد في سنة ست عشرة فسمع الحديث على مشايخنا وكان يعظ وكان مليح الإيراد لطيف الحركات فأمرت خاتون زوجة المستظهر فبني له رباط بباب الأزج ووقفت عليه الوقوف وصار له جاه عظيم تميل الأعاجم إليه وكان السلطان يأتيه فيزوره وكثر زبون مجلسه بأسباب منها طلب جاهه وكثرة المحتشمين عنده والقراء واستعبد كثيرا من العلماء والفقراء بنواله وعطائه وكان محفوظه قليلا فكان يردد ما يحفظه .

            وحدثني جماعة من الفقراء أنه كان يعين لهم ما يقرءون بين يديه ويتحفظ الكلام عليه .

            سمعته يوما يقول في مجلس وعظه : الحكمة في المعراج لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى ما في الجنة والنار ليكون يوم القيامة على سكون لا انزعاج فيه فلا يزعجه ما يرى لتقدم الرؤية ، ولهذا المعنى قلبت العصا حية يوم التكليم لئلا ينزعج موسى عند إلقائها بين يدي فرعون .

            وسمعته يقول : حزمة حزن خير من أعدال أعمال .

            وأنشدنا :


            كم حسرة لي في الحشا من ولد إذا نشا     وكم أردت رشده
            فما نشا كما أشا

            وأنشدنا :


            يحسدني قومي على صنعتي     لأنني في صنعتي فارس
            سهرت في ليلي واستنعسوا     هل يستوي الساهر والناعس



            وكان يميل إلى التشيع ويدل بمحبة الأعاجم فلا يعظم بيت الخلافة كما ينبغي فسمعته يقول تتولانا وتغفل عنا ، وأنشد :


            فما تصنع بالسيف     إذا لم تك قتالا
            فغير حلية السيف     وضعه لك خلخالا

            ثم قال : تولي اليهود فيسبون نبيك يوم السبت ويجلسون عن يمينك يوم الأحد وصاح : اللهم هل بلغت فكانت هذه الأشياء تبلغ فتثبت في القلوب حتى إنه منع من الوعظ فقدم السلطان مسعود فاستدعاه فجلس بجامع السلطان فحدثني ابن البغدادي الفقيه أنه لما جلس يومئذ حضر السلطان فقال له يا سلطان العالم محمد بن عبد الله أمرني أن أجلس ومحمد أبو عبد الله منعني أن أجلس يعني المقتفي وكان إذا نبغ واعظ سعى في قطع مجلسه .

            ولما مال الناس إلى ابن العبادي قل زبونه فكان يبالغ في ذمه فقام بعض أذكياء بغداد في مجلس العبادي فأنشده :


            لله قطب الدين من واعظ     طب بأدواء الورى آس
            مذ ظهرت حجته في الورى     قام بها البرهان في الناس



            وأراد ابن الغزنوي [قد قام للناس ] لأنه كان يلقب بالبرهان وهذا من عجيب ذكاء البغداديين فلما مات السلطان مسعود تتبع الغزنوي وأذل لما كان تقدم من انبساطه وكان معه قرية أصلها للمارستان فأخذت وطولب بنمائها بين يدي الحاكم وحبس ثم سئل فيه فأطلق ، ومنع من الوعظ . وحدثني عبد الله بن نصر البيع قال أخذت من الغزنوي القرية التي كانت وقفت عليه فاستدعاني وسألني أن أقول لابن طلحة صاحب المخزن أن يسأل فيه وقال : هذه القرية اشترتها خاتون من الخليفة والذي وقع عليه الشهادة صاحب المخزن فهو أعرف الخلق بالحال قال فجئت فأخبرته فقال أنا رجل منقطع عن الأشغال وكان قد تزهد وترك العمل فعدت إليه فأخبرته فقال لا بد من إنعامه في هذا فكتب صاحب المخزن إلى المقتفي هذا رجل قد أوى إلى بلدكم وهو منسوب إلى العلم فقال المقتفي أولا يرضى أن يحقن دمه ؟ وما زال الغزنوي يلقى الذل بعد العز الوافي فحدثني أبو بكر بن الحصري قال سمعته يقول : من الناس من الموت أحب إليه من الحياة ، وعنى نفسه وكان لا يحتمل الذل ، فمرض فحكى الطبيب الداخل عليه أنه قد ألقى كبده ، وكان مرضه في محرم هذه السنة فبلغني أنه كان يعرق في مرضه ويفيق ، فيقول : رضا وتسليم .

            وتوفي ليلة الخميس سابع عشرين المحرم وصلي عليه في رباطه ودفن بمقبرة الخيزران إلى جانب أبي سعيد السيرافي . المظفر بن حماد بن أبي الخير

            المظفر بن حماد بن أبي الخير صاحب البطيحة .

            فتك به يعيش بن فضل بن أبي الخير من أصاغرهم في الحمام ومعه اثنان من أهله وولى ابنه مكانه . أبو بكر الغزال

            يحيى بن عبد الباقي ، أبو بكر الغزال :

            سمع وسمع وتوفي في شوال هذه السنة ودفن في مقبرة يقال لها العطافية وقف ابن عطاف التاجر وهو أول من دفن فيها . ابن الرزاز

            وفيها في ذي القعدة توفي شيخ الإسلام أبو المعالي الحسن بن عبيد الله بن أحمد بن محمد المعروف بابن الرزاز بنيسابور ، وهو من أعيان الأفاضل . مريد الدين بن نيسان

            وفي هذه السنة توفي مريد الدين بن نيسان رئيس آمد والحاكم فيها على صاحبها ، وولي ما كان إليه بعده ابنه كمال الدين أبو القاسم . أبو الحسن بن الخل

            وتوفي أبو الحسن بن الخل الفقيه الشافعي ، شيخ الشافعية ببغداد ، وهو من أصحاب أبي بكر الشاشي ، وجمع بين العلم والعمل ، وكان يؤم بالخليفة في الصلاة . ابن الآمدي الشاعر

            وتوفي ابن الآمدي الشاعر ، وهو من أهل النيل من أعيان الشعراء في طبقة الغزي والأرجاني ، وكان عمره قد زاد على تسعين سنة . الوأواء الحلبي

            وفيها وتوفي الوأواء الحلبي الشاعر المشهور . الحكيم أبو جعفر بن محمد البخاري

            وفيها في رمضان توفي الحكيم أبو جعفر بن محمد البخاري بأسفرايين ، وكان صاحب معرفة بعلوم الحكماء الأوائل . أبو الفتح الدمياطي

            محمود بن إسماعيل بن قادوس ، أبو الفتح الدمياطي

            كاتب الإنشاء بالديار المصرية ، وهو شيخ القاضي الفاضل وكان يسميه ذا البلاغتين ، وذكره العماد الكاتب في " الخريدة " وأثنى عليه ، ومن شعره فيمن يكرر التكبير في أول الصلاة


            وفاتر النية عنينها     مع كثرة الرعدة والهزه
            يكبر سبعين في مرة     كأنه صلى على حمزه

            الشيخ أبو البيان

            الشيخ أبو البيان

            نبا بن محمد المعروف بابن الحوراني ، الفقيه الزاهد العابد الفاضل الخاشع ، قدس الله روحه ، قرأ القرآن وكتاب " التنبيه " على مذهب الشافعي ، وكان حسن المعرفة باللغة ، كثير المطالعة ، وله كلام يؤثر عنه ، ورأيت له كتابا بخطه فيه النظائم التي له ، يقولها أصحابه وأتباعه بلهجة غريبة ، وقد كان من نشأته إلى أن توفي على طريقة صالحة ، وقد زاره الملك نور الدين في رباطه داخل درب الحجر ، ووقف عليه شيئا ، وكانت وفاته في يوم الثلاثاء الثالث من ربيع الأول من هذه السنة ، ودفن بمقابر باب الصغير ، وكان يوما مشهودا . وقد ذكرته في " طبقات الشافعية " رحمه الله . عبد الغافر بن إسماعيل

            عبد الغافر بن إسماعيل

            بن عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر بن أحمد بن سعيد الفارسي الحافظ ، تفقه بإمام الحرمين وسمع الكثير على جده لأمه أبي القاسم القشيري ، ورحل إلى البلاد وأسمع الكثير ، وصنف " المفهم في غريب مسلم " وغيره ، وولي خطابة نيسابور وكان فاضلا بارعا دينا حافظا .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية