الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            في هذه السنة أغار الأمير محمد بن أنز على بلد الإسماعيلية بخراسان  وأهلها غافلون ، فقتل منهم ، وأسر وسبى وأكثر ، وملأ أصحابه أيديهم من ذلك . وفيها خرج ملك الروم من القسطنطينية في عساكر لا تحصى وقصد بلاد الإسلام التي بيد قلج أرسلان وابن دانشمند ، فاجتمع التركمان في تلك البلاد في جمع كبير ، فكانوا يغيرون على أطراف عسكره ليلا ، فإذا أصبح لا يرى أحدا .

            وكثر القتل في الروم حتى بلغت عدة القتلى عشرات ألوف ، فعاد إلى القسطنطينية ، ولما عاد ملك المسلمون منه عدة حصون . ومن الحوادث فيها :

            أنه في يوم الجمعة حادي عشر من المحرم جيء بصبي صغير مقتولا ومعه صبي آخر فأقر أنه قتله بمنجل كان معه بسبب حلقة أخذها من أذنه فأخذت منه الحلقة وقتل . ودخل كانون الثاني في صفر ولم أر كانونا أدفأ منه . وفي يوم الأحد رابع عشر صفر شهر جماعة من الحصريين كتبوا أسماء الأئمة الاثني عشر على الحصر شهرهم المحتسب بتقدم الوزير . وفي يوم الأحد خامس ربيع الآخر : أملك يوسف الدمشقي بابنة قاضي القضاة جعفر بن عبد الواحد الثقفي بصداق مبلغه سبعمائة دينار ولم يكن في هذه السنة للناس ربيع بسبب اليبس المتقدم لعدم المطر وموت المواشي . وفي جمادى : اجتمع جماعة يسمعون كتاب ابن منده في فضائل أحمد بن حنبل في مسجد ابن شافع فجرى بين ابن الخشاب وبين أبي المحاسن الدمشقي منازعة في أمر يتعلق بالفقهاء فآل الأمر إلى خصام فوشى بهم الدمشقي إلى الخليفة وأنهم يقرءون كتابا فيه معايب الخلفاء فتقدم بأخذ الكتاب من أيديهم . وفي شوال : عملت دعوة في الدار الجديدة التي بناها المستنجد بباب الغربة وحضر أرباب الدولة ومشايخ الصوفية وبات قوم على السماع وتقدم بقتل تسعة من اللصوص فأخرجوا من الحبس فقتلوا واحد بباب الأزج وآخر بالحبة وآخر بباب الغلة وآخر باللكافين وأربعة على عقد سوق السلطان وواحد بسوق السلطان وشهرت امرأة تزوجت بزوجين ومعها أحدهما . وفي شهر ذي الحجة من هذه السنة احترق قصر جيرون حريقا عظيما ، فحضر في تلك الليلة الأمراء ; منهم أسد الدين شيركوه بعد رجوعه من الديار المصرية ، وسعى سعيا عظيما في إطفاء هذه النار وصون حوزة الجامع منها ، جزاه الله خيرا ، وأثابه دار القرار .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية