الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            مسير شمس الدولة إلى بلد النوبة

            في سنة ثمان وستين وخمسمائة ، في جمادى الأولى ، سار شمس الدولة توران شاه بن أيوب أخو صلاح الدين الأكبر من مصر إلى بلد النوبة ، فوصل إلى أول بلادهم ليتغلب عليه ويتملكه .

            وكان سبب ذلك أن صلاح الدين وأهله كانوا يعلمون أن نور الدين كان على عزم الدخول إلى مصر وأخذها منهم ، فاستقر الرأي بينهم أنهم يتملكون إما بلاد النوبة أو بلاد اليمن ، حتى إذا وصل إليهم نور الدين لقوه وصدوه عن البلاد ، فإن قووا على منعه أقاموا بمصر ، وإن عجزوا عن منعه ركبوا البحر ولحقوا بالبلاد التي قد افتتحوها ، فجهز شمس الدولة وسار إلى أسوان ، ومنها إلى بلد النوبة ، فنازل قلعة اسمها أبريم ، فحصرها ، وقاتله أهلها ، فلم يكن لهم بقتال العسكر الإسلامي قوة ; لأنهم ليس لهم جنة تقيهم السهام وغيرها من آلة الحرب ، فسلموها ، فملكها ، وأقام بها ، ولم ير للبلاد دخلا يرغب فيه وتحتمل المشقة لأجله ، وقوتهم الذرة ، فهي بلدا قليلة الجدوى لا يفي خراجها بكلفتها ، استخلف على الحصن المذكور رجلا من الأكراد يقال له : إبراهيم . فجعله مقدما مقررا بحصن إبريم ، وانضاف إليه جماعة من الأكراد البطالين ، فكثرت أموالهم وحسنت حالهم هنالك وشنوا الغارات وحصلوا على الغنائم والمسرات ، ولله الحمد الذي بنعمته تتم الصالحات .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية