الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، في المحرم ، خطب للسلطان طغرل بن أرسلان بن طغرل بن محمد بن ملكشاه المقيم عند إيلدكز بهمذان ، وكان أبوه أرسلان قد توفي .

            وفيها كانت فتنة ببغداد ، وسببها أنه حضر قوم من مسلمي المدائن إلى بغداد ، فشكوا من يهودها ، وقالوا : لنا مسجد نؤذن فيه ونصلي ، وهو مجاور الكنيسة ، فقال لنا اليهود : قد آذيتمونا بكثرة الأذان ، فقال المؤذن : ما نبالي بذلك ، فاختصموا ، وكانت فتنة استظهر فيها اليهود ، فجاء المسلمون يشكون منهم ، فأمر ابن العطار ، وهو صاحب المخزن ، بحبسهم ، ثم أخرجوا ، فقصدوا جامع القصر ، واستغاثوا قبل صلاة الجمعة ، فخفف الخطيب الخطبة والصلاة ، فعادوا يستغيثون ، فأتاهم جماعة من الجند ومنعوهم ، فلما رأى العامة ما فعل بهم غضبوا نصرة للإسلام ، فاستغاثوا ، وقالوا أشياء قبيحة ، وقلعوا طوابيق الجامع ، ورجموا الجند فهربوا ، ثم قصد العامة دكاكين المخلطين ، لأن أكثرهم يهود ، فنهبوها ، وأراد حاجب الباب منعهم ، فرجموه فهرب منهم ، وانقلب البلد ، وخربوا الكنيسة التي عند دار البساسيري ، وأحرقوا التوراة فاختفى اليهود ، وأمر الخليفة أن تنقض الكنيسة التي بالمدائن وتجعل مسجدا ، ونصب بالرحبة أخشاب ليصلب عليها قوم من المفسدين ، فظنها العامة نصبت تخويفا لهم لأجل ما فعلوا ، فعلقوا عليها في الليل جرذانا ميتة ، وأخرج جماعة من الحبس لصوص فصلبوا عليها .

            وفيها ، في شعبان ، قبض سيف الدين غازي ، صاحب الموصل ، على وزيره جلال الدين علي بن جمال الدين بغير جرم ولا عجز ، ولا لتقصير ، بل لعجز سيف الدين ، فإن جلال الدين كان بينه وبين مجاهد الدين قايماز مشاحنة ، فقال مجاهد الدين لسيف الدين : لابد من قبض الوزير ، فقبض عليه كارها لذلك ، ثم شفع ابن نيسان رئيس آمد لصهر بينهما ، فأخرج ، وسار إلى آمد فمرض بها ، وعاد إلى دنيسر ، فمات سنة أربع وسبعين [ وخمسمائة ] وعمره سبع وعشرون سنة ، وحمل إلى مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم - فدفن عند والده في الرباط الذي بناه بها .

            وكان - رحمه الله - من محاسن الدنيا ، جمع كرما ، وعلما ، ودينا ، وعفة ، وحسن سيرة ، واستحلفه سيف الدين أنه لا يمضي إلى صلاح الدين لأنه خاف أن يمضي إليه للمودة التي كانت بين جمال الدين وبين نجم الدين أيوب وأسد الدين شيركوه ، فبلغني أن صلاح الدين طلبه فلم يقصده لليمين .

            وفيها اجتمع طائفة من الفرنج وقصدوا أعمال حمص فنهبوها وغنموا ، وأسروا وسبوا ، فسار ناصر الدين محمد بن شيركوه ، صاحب حمص ، وسبقهم ووقف على طريقهم . وكمن لهم ، فلما وصلوا إليه خرج إليهم هو والكمين ، ووضعوا السيف فيهم ، فقتل أكثرهم وأسر جماعة من مقدمتهم ، ومن سلم منهم لم يفلت إلا وهو مثخن بالجراح ، واسترد منهم جميع ما غنموا فرده على أصحابه . وفيها أمر السلطان ببناء قلعة الجبل وإحاطة سور على القاهرة ومصر يشملهما جميعا ، فعمرت قلعة للملك لم يكن في الديار المصرية مثلها ولا على شكلها ، وولي عمارة ذلك الأمير بهاء الدين قراقوش مملوك تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب . وفيها جاء كتاب القاضي الفاضل إلى الناصر يهنئه بوجود مولود له ، وهو أبو سليمان داود ، وبه كمل له اثنا عشر ذكرا ، وقد ولد له بعده عدة أولاد ذكور أيضا ، فإنه توفي عن سبعة عشر ذكرا وابنة صغيرة اسمها مؤنسة ، التي تزوجها ابن عمها الملك الكامل محمد بن العادل ، ومن الحوادث فيها:

            أنه في بكرة الخميس غرة المحرم دخل إلى البلد تتامش الذي كان قد خرج مع قيماز من بغداد وخرج أهل البلد للنظر إليه ونزل تحت التاج فقبل الأرض مرارا وأذن له في الدخول إلى داره وعفي عنه وأمر وكرم .

            [وبعد صلاة العصر يومئذ تقدم إلي بالجلوس تحت منظرة باب بدر واجتمع الخلق وتاب جماعة وحضر أمير المؤمنين . ثم تقدم إلي بالجلوس هناك يوم عاشوراء وكان الناس يجيئون من نصف الليل بالأضواء فما طلع الفجر ولا حد لموضع قدم وغلقت الأبواب ولقينا شدة من الزحام وأمير المؤمنين حاضر] .

            وقدم الحاج في نصف صفر وذكروا ما لقوا في طريقهم من الجوع وغلاء السعر وكثرة من هلك من المشاة والجمال .

            وقبض على حاجب الباب أبي منصور ابن العلاء وسلم إلى أستاذ الدار وجرت همرجات عظيمة قبض فيها على جماعة ومنع ابن الوزير [بن رئيس الرؤساء] من الركوب وأن يتردد إلى بابه أحد واستكتب كثيرا من أملاكه ثم رد عليه كثير منها بعد ذلك وصرف أكثر أشغال الديوان إلى المخزن وانقطع عن الركوب أصلا وأخذ أبو المظفر الحسين بن محمد بن علي الدامغاني أخو قاضي القضاة [إلى دار صاحب المخزن وهو الذي كان ينوب عن قاضي القضاة] في الحكم على بابه وكان قد زوج امرأة فتظلم زوجها الأول وقال أكرهت على طلاقها فقيل له كيف زوجتها؟ فقال جاءني كتاب حكمي من واسط أن زوجها قد طلقها وفتحته وكتبت على ظهره وجاءتني براءة فكتبت عليها وزوجتها فأخرج صاحب المخزن الكتاب وليس بمفتوح ولا مكتوب في ظهره ولا في البراءة فجبهه صاحب المخزن وقال قد عزلتك عن القضاء والشهادة وكل ما كنت تتولاه ثم أمر بتنحية طيلسانه وقال [له] يبلغ عنك وعن أخيك ما لا يصلح وأمير المؤمنين لا يغفل عن هذا ثم جعل يتبع أفعالا تنسب إلى قاضي القضاة وحدثني بعض الوكلاء أن قاضي القضاة كان قد كتب إلى الخليفة قبل ذلك بمده يسأل أن يعفى من قصد صاحب المخزن فأعفي وكان بينهما شيء فلما رأى قاضي القضاة ما جرى على أخيه وكان قبل ذلك قد جرى على جماعة من وكلائه إهانات ثم تتبع وجاء في يوم الخميس حادي عشر ربيع الآخر إلى دار صاحب المخزن يستعطفه ثم صار يتردد إليه كل أسبوع واستقبح الناس هذا التردد بعد الانقطاع الدائم وعلموا أنه من الخوف .

            [وفي يوم الاثنين النصف من ربيع الآخر: تكلمت في جامع المنصور وحضر الخلق فحزروا بمائة ألف وتاب ثلاثة وخمسون نفسا وقصت شعورهم .

            وأنشد في يوم السبت الشهاب الضرير:


            بك يا جمال الدين قد شقت من الأعدا مرائر     حسدوا وما لهم إذا
            سروا علينا من جرائر     لك في الفداء نفوسنا
            وهي الشريفات الحرائر     يا من تطير بلطفه
            من نار معناه شرائر


            يوم الجلوس لنا الأنيس     لهم به تبلى السرائر
            تكفي المليحة عند من     تهوى شهادات الضرائر

            وفي يوم [الخميس] خامس عشرين ربيع الآخر: ضرب تركي تركيا [ضحوة نهار على باب النوبي] بنشابة ثم أتبعها ضربة بسيف ثم هرب الضارب وخرج من البلد ثم عاد ليأخذ من بيته شيئا ويهرب فأخذوه فصلب وقت الظهر بباب النوبي [وحط بعد صلاة الجمعة] .

            منع من إقامة الجمعة التي في قصر عيسى المعروف بمسجد ابن المأمون وفي يوم الجمعة ثالث جمادى الأولى: منع من إقامة الجمعة التي في قصر عيسى المعروف بمسجد ابن المأمون وكان قد عمره فخر الدولة بن المطلب وأوسعه وأنفق عليه مالا وجاءت الأخبار بأن الموت في دمشق كثير والمرض بالموصل كثير .

            وفي النصف من جمادى الآخرة: أخرج البلخي الواعظ من البلد بتوقيع بعد أن أسمعه حاجب الباب المكروه لما كان يذكر عنه من شرب الخمر .

            وفي يوم [الجمعة] سادس عشر جمادى الآخرة: ركب الوزير إلى باب الحجرة بعد أن بقي زمانا لا يركب فطاب قلبه وجلس للهناء وجاء صاحب المخزن إلى دار الوزير بعد صلاة الجمعة والنقباء وقام له الوزير وقبل صاحب المخزن يده .

            وجاءت إلى يوم الأحد خامس عشرين جمادى الآخرة فتوى في عبد وأمة كانا لرجل فأعتقهما وزوج الرجل بالمرأة فبقيت معه عشرين سنة وجاءت منه بأربعة أولاد ثم بان الآن أنها أخته لأبيه وأمه ومذ عرف ذلك أخذا في البكاء والنحيب فتعجبت من ذلك وأعلمتهما أنه لا أثم فيما مضى والعدة تلزمها ويجوز أن ينظر إليها بعد أن فارقها نظرة إلى أخته إلا أن يخاف على نفسه فيلزمه البعد عنها .

            وفي ليلة رجب: تكلمت [بباب بدر] تحت المنظرة الشريفة وأمير المؤمنين حاضر والجمع متوفر .

            وفي [بكرة ليلة الأحد] ثاني رجب: حضرنا دعوة أمير المؤمنين على العادة [وحضر] أرباب الدولة [كلهم] والعلماء والصوفية فأكلوا وختمت الختمة ودعا للختمة ابن المهتدي الخطيب وصلى بهم في ذلك اليوم وتلك الليلة في الدار وبعد دعاء الختمة خلع على أمير المدينة وولده وولد أمير مكة ثم انصرف من عادته الانصراف [وبات الباقون على عادتهم] وخلعت عليهم الخلع وفرقت الأموال .

            وبنت الجهة المعظمة المسماة بنفشة رباطا في سوق المدرسة للصوفيات وفتحته أول رجب وعملت فيه دعوة وتكلمن فيه وأفرد لأخت أبي بكر الصوفي شيخ رباط الزوزني وفرقت الجهة عليهم مالا .

            وفي ليلة [الأحد] سادس عشر رجب: جاء مطر عظيم ودام ثلاثة أيام بلياليهن وكان فيه رعود هائلة وبروق عظيمة ووقعت آدر كثيرة وامتلأت الطرقات بالماء وبقي الوحل أسبوعا وجمع أهل درب بينهم اثني عشر دينارا لمن ينقل الماء في المزادات إلى دجلة وأخرج الخليفة مالا ينفق في تنحية الوحل من الطرق وزادت دجلة زيادة بينة وذلك في كانون الثاني ولم يزل ينقص قليلا ثم يعود إلى الزيادة فقال لي شيخ من الملاحين لي ثمانون سنة ما رأيت مثل هذه الزيادة في كانون .

            [وفي يوم الخميس سابع عشرين رجب: تكلمت بعد العصر تحت المنظرة وأمير المؤمنين حاضر] .

            وفي هذه الأيام: خرج شحنة أوانا وعكبرا يتصيد فوق تلك النواحي فلقيه جماعة من بني خفاجة فقتلوه فجيء به إلى بيته بباب الأزج ثم حمل فدفن في مقبرة أحمد بن حنبل وكان كثير الخير والتدين لا يشرب الخمر ولا يشكي منه وكان مواظبا على حضور مجلسي .

            وفي [يوم الاثنين] غرة شعبان [لكم رجل رجلا فمات في الحال] .

            وأنشأ أمير المؤمنين مسجدا كبيرا في السوق عند عقد الحديد وتقدم بعمارته فعمر عمارة فائقة وكسى وقدم فيه عبد الوهاب [ابن العيبي] زوج ابنتي فصلى فيه بعد النصف من شعبان وأجريت له مشاهرة وتقدم إلي فصليت فيه بالناس التراويح ليلة وكان الزحام كثيرا فدخل على قلوب أهل المذهب ما شاء الله من الغم لكونه أضيف إلى الحنابلة وقد كان يرجف له به لغيرهم .

            [وفي بكرة السبت خامس رمضان: تقدم بجلوسي في دار صاحب المخزن وازدحم الناس حتى غلق الباب وكان أمير المؤمنين حاضرا . ثم تكلمت يوم الاثنين حادي عشرين رمضان في داره أيضا على تلك الصفة .

            وفي سحرة يوم الأربعاء سابع شوال: هبت ريح عظيمة فزلزلت الدنيا بتراب عظيم حتى خيف أن تكون القيامة ثم جاء فيها برد ودام ذلك ساعة طويلة ثم انجلت وقد وقعت حيطان وتهدمت مواضع على أقوام مات منهم وارتث منهم ووقع سقف متصل بمنظرة الخليفة التي عند باب الحلبة وكانت الريح تقوى ساعة وتخف ساعة إلى وقت الضحى ثم اشتدت وملأت الدنيا ترابا فصعد أعنان السماء فتبين السماء منه مصفرة إلى وقت العصر وزادت دجلة في عاشر شوال زيادة عشرين ذراعا على المعتاد وخاف الناس واشغلوا بالعمل في القورج ثم نقص الماء بعد ثلاثة أيام .

            وفي يوم الجمعة سلخ شوال: بعد أذان الجمعة صعد غيم وجاء مطر شديد من جامع السلطان إلى الرصافة فما فوق فكانت ثم غدران وامتلأت الصحارى والشوارع به ولم يأت بنهر معلى إلا اليسير . مقتل ابن رئيس الرؤساء وورد حاج كثير من خراسان فاستأذن الوزير ابن رئيس الرؤساء في الحج فأذن له فعمل تركا جميلا وقيل إنه اشترى ستمائة جمل وأقام منها مائة للمنقطعين وأخرج معه الأدوية ومن يطب المرضى واستصحب جماعة من أهل الخير والعلم ودخلنا إليه بكرة الثلاثاء نودعه فسلمنا عليه ثم قام فدخل إلى الخدمة ثم خرج فعبر في سفينة إلى ناحية الرقة وقد خرج أهل بغداد فامتلأت الشواطئ من الجانبين وامتدوا إلى ما فوق معروف ينظرون إليه وخرج معه أرباب الدولة سوى صاحب المخزن فإنه لم يلقه وأما أستاذ الدار فإنه ودعه في دار الخلافة وعبر معه تتامش وكان مريضا فرده حين صعد من السفينة وقال له أنت مريض فعاد فركب الوزير وبين يديه النقيبان وأرباب الدولة والعلماء وضرب له بوق حين ركب فلما وصل باب قطفتا خرج رجل كهل فقال يا مولانا أنا مظلوم وتقرب منه فزجره الغلمان فقال الوزير دعوه فتقدم إليه فضربه بسكين في خاصرته فصاح الوزير قتلني ووقع من الدابة ووقعت عمامته فغطى رأسه بكمه وبقي على قارعة الطريق وضرب ذلك الباطني بسيف فعاد فضرب الوزير وأقبل حاجب الباب ينصره فضربه الباطني بسكين وعاد وضرب الوزير فقطع الباطني بالسيوف ، وبعض الناس يقولون كانوا اثنين وخرج منهم شاب بيده سكين فقتل ولم يعمل شيئا وأحرقت أجساد الثلاثة وحمل الوزير إلى دار هناك وجيء بحاجب الباب إلى بيته واختلط الناس وما صدق أحد أن يعود إلى بيته في عافية ، وكان الوزير قد رأى في المنام قبل ذلك أنه عانق عثمان بن عفان ، وحكى عنه ولده أنه اغتسل قبل خروجه وقال هذا غسل الإسلام وإني مقتول بلا شك ومات الوزير بعد الظهر وتوفي حاجب الباب في الليل وغسل الوزير بكرة الأربعاء وحمل إلى جامع المنصور فصلي عليه وحضر أرباب الدولة وصاحب المخزن ودفن عند أبيه وجاء مكتوب من الخليفة إلى أولاده يطيب قلوبهم ويأمرهم بالقعود للعزاء فقعدوا يوم الخميس في داره فلم يحضر أحد يوما إليه لا من الأمراء ولا من القضاة ولا من الشهود ولا من الصوفية بل كان هناك عدد يسير وتكلم في العزاء من عادته يتكلم في أعزية العوام من الطرقيين فتعجبت من هذه الحال وأنه كان يكون عزاء بزاز أحسن من ذلك وما كان انقطاع الناس إلا رضا لصاحب المخزن لأنه كان يفارقه فلما كان في اليوم الثاني حضر الدار جماعة من الفقهاء بالنظامية فلم يقعد أولاده فلما علم الخليفة بالحال تقدم إلى أرباب الدولة ومن جرت عادته بالحضور فحضر في اليوم الثالث صاحب الديوان وقاضي القضاة والنقيب وغيرهم وسألوا أن أتكلم عندهم في العزاء فنصب لي كرسي لطيف وتكلمت عليه والقراء يقرءون ومددت الكلام إلى أن جاء خدم الخليفة بمكتوب منه يعزيهم ويأمرهم بالنهوض عن العزاء فقرأه ابن الأنباري قائما والناس كلهم قيام ثم انصرفوا] .

            وفي يوم الجمعة: ولي ابن طلحة حجبة الباب .

            وفي ليلة الاثنين: بعث صاحب المخزن بغلامه من الليل إلى تتامش ليحضر عنده وكانت له عادة بزيارته في الليل يخلوان للحديث فحضر عنده فوكل به في حجرة دار صاحب المخزن ونفذ إلى بيته فأخذ من الخيل والكوسات وكل ما في الدار واختلفت الأراجيف في نوبته فقوم يقولون إنهم في وضع الباطنية على قتل الوزير وذكر أنه كتب إلى أمير المؤمنين مرارا يحرضه على الخروج للفرجة في الحاج فلما اتفق قتل الوزير خيف أن تكون نيته قد كانت رديئة ، وقوم يقولون إنه كاتب أمراء خراسان ، وبقي موكلا به في دار صاحب المخزن .

            وفي عاشر ذي الحجة: غسل الديوان ورتب وهيئ ورجمت الظنون وتحازر الناس من يكون وزيرا فلما كان يوم العيد تقدم إلى صاحب المخزن بالحضور في الديوان على وجه النيابة فحضر ورتب الموكب وانصرف .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية