في سنة خمس وسبعين وخمسمائة ، في ثاني ذي القعدة ، توفي الإمام المستضيء بأمر الله أمير المؤمنين أبو محمد الحسن بن يوسف المستنجد - رضي الله عنه - وأمه أم ولد أرمنية تدعى غضة ، وكانت خلافته نحو تسع سنين وسبعة أشهر ، وكان مولده سنة ست وثلاثين وخمسمائة ، وكان عادلا حسن السيرة في الرعية ، كثير البذل للأموال ، غير مبالغ في أخذ ما جرت العادة بأخذه ، وكان الناس معه في أمن عام وإحسان شامل ، وطمأنينة وسكون ، لم يروا مثله ، وكان حليما ، قليل المعاقبة على الذنوب ، محبا للعفو والصفح عن المذنبين ، فعاش حميدا ومات سعيدا - رضي الله عنه - فلقد كانت أيامه كما قيل :
كأن أيامه من حسن سيرته مواسم الحج والأعياد والجمع
يا إمام الهدى علوت عن الجو د بمال وفضة ونضار
فوهبت الأعمار والأمن والبلـ ـدان في ساعة مضت من نهار
فبماذا نثني عليك وقد جا وزت فضل البحور والأمطار
إنما أنت معجز مستقل خارق للعقول والأفكار
جمعت نفسك الشريفة بالبأ س وبالجود بين ماء ونار
فلما كان يوم الجمعة الثاني والعشرين من شوال خطب لولي العهد أبي العباس أحمد بن المستضيء ، وهو الخليفة الناصر لدين الله ، وكان يوما مشهودا نثر الذهب فيه على الخطباء والمؤذنين ومن حضر ذلك ، عند ذكره على المنبر والتنويه باسمه في العشر .