ذكر عدة حوادث وفي رجب في سنة ست وسبعين وخمسمائة قدمت رسل الخليفة الناصر وخلعه وهدايا إلى الملك الناصر صلاح الدين ، فلبس السلطان خلعة الخليفة بدمشق ، وزينت له البلد ، وكان يوما مشهودا .
وفي رجب أيضا منها سار السلطان من الشام إلى الديار المصرية لينظر في أحوالها ، ويصوم بها رمضان ، ومن عزمه أن يحج عامه ذلك إلى بيت الله الحرام ، واستناب على الشام ابن أخيه عز الدين فروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب ، قال العماد الكاتب : وكان عزيز المثل غزير الفضل . فكتب القاضي الفاضل عن الملك العادل أبي بكر نائب مصر إلى أهل اليمن والبقيع ومكة يعلمهم بعزم السلطان على الحج في هذا العام ; ليتأهبوا للملك ويهتموا به ، واستصحب السلطان معه صدر الدين أبا القاسم عبد الرحيم شيخ الشيوخ ببغداد ، الذي قدم في الرسلية من جهة الخليفة ; ليكون في خدمته إلى الديار المصرية ، وفي صحبته إلى الحجاز الشريف ، فدخل السلطان ديار مصر ، وتلقاه الجيش وكان يوما مشهودا ، وأما صدر الدين فإنه لم يقم بها إلا قليلا حتى توجه إلى الحجاز الشريف في البحر ، فأدرك الصيام بالمسجد الحرام .
وفيها وقلاعا كثيرة حولها ، واستحوذ على أكثرها ، فاتفق له أنه أسر من بعض الحصون غلاما أمرد فأراد قتله ، فقال له أهل الحصن : لا تقتله وخذ لك عشرة آلاف دينار ، فأبى فوصلوه إلى مائة ألف دينار فأبى إلا قتله ، فقتله ، فلما قتله نزل صاحب الحصن وهو شيخ كبير ومعه مفاتيح ذلك الحصن ، فقال : خذ هذه فإني شيخ كبير ، وإنما كنت أحفظه من أجل هذا الصبي الذي قتلته ، ولي أولاد أخ أكره أن يملكوه بعدي . فأقره فيه ، وأخذ منه أموالا كثيرة . والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب . سار قراقوش التقوي إلى بلاد المغرب فحاصر قابس