الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث وفي رجب في سنة ست وسبعين وخمسمائة قدمت رسل الخليفة الناصر وخلعه وهدايا إلى الملك الناصر صلاح الدين ، فلبس السلطان خلعة الخليفة بدمشق ، وزينت له البلد ، وكان يوما مشهودا .

            وفي رجب أيضا منها سار السلطان من الشام إلى الديار المصرية لينظر في أحوالها ، ويصوم بها رمضان ، ومن عزمه أن يحج عامه ذلك إلى بيت الله الحرام ، واستناب على الشام ابن أخيه عز الدين فروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب ، قال العماد الكاتب : وكان عزيز المثل غزير الفضل . فكتب القاضي الفاضل عن الملك العادل أبي بكر نائب مصر إلى أهل اليمن والبقيع ومكة يعلمهم بعزم السلطان على الحج في هذا العام ; ليتأهبوا للملك ويهتموا به ، واستصحب السلطان معه صدر الدين أبا القاسم عبد الرحيم شيخ الشيوخ ببغداد ، الذي قدم في الرسلية من جهة الخليفة ; ليكون في خدمته إلى الديار المصرية ، وفي صحبته إلى الحجاز الشريف ، فدخل السلطان ديار مصر ، وتلقاه الجيش وكان يوما مشهودا ، وأما صدر الدين فإنه لم يقم بها إلا قليلا حتى توجه إلى الحجاز الشريف في البحر ، فأدرك الصيام بالمسجد الحرام .

            وفيها سار قراقوش التقوي إلى بلاد المغرب فحاصر قابس  وقلاعا كثيرة حولها ، واستحوذ على أكثرها ، فاتفق له أنه أسر من بعض الحصون غلاما أمرد فأراد قتله ، فقال له أهل الحصن : لا تقتله وخذ لك عشرة آلاف دينار ، فأبى فوصلوه إلى مائة ألف دينار فأبى إلا قتله ، فقتله ، فلما قتله نزل صاحب الحصن وهو شيخ كبير ومعه مفاتيح ذلك الحصن ، فقال : خذ هذه فإني شيخ كبير ، وإنما كنت أحفظه من أجل هذا الصبي الذي قتلته ، ولي أولاد أخ أكره أن يملكوه بعدي . فأقره فيه ، وأخذ منه أموالا كثيرة . والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية