ملكه مدينة سنجار
لما سار صلاح الدين عن الموصل إلى سنجار ، سير مجاهد الدين إليها عسكرا قوة لها ونجدة ، فسمع بهم صلاح الدين ، فمنعهم من الوصول إليها ، وأوقع بهم ، وأخذ سلاحهم ودوابهم وسار إليها ونازلها ، وكان بها شرف الدين أمير أميران هندوا أخو عز الدين ، صاحب الموصل ، في عسكر معه ، فحصر البلد وضايقه ، وألح في قتاله ، فكاتبه بعض أمراء الأكراد الذين به من الزرزارية ، وخامر معه ، وأشار بقصده من الناحية التي هو بها ليسلم إليه البلد ، فطرقه صلاح الدين ليلا فسلم إليه ناحيته ، فملك الباشورة لا غير . فلما سمع شرف الدين الخبر استكان وخضع ، وطلب الأمان ، فأمن ، ولو قاتل على تلك الناحية لأخرج العسكر الصلاحي عنها ، ولو امتنع بالقلعة لحفظها ومنعها ، ولكنه عجز ، فلما طلب الأمان أجابه صلاح الدين إليه ، فأمنه وملك البلد .
وسار شرف الدين ومن معه إلى الموصل ، واستقر جميع ما ملكه صلاح الدين بملك سنجار ، فإنه كان قصد أن يسترده المواصلة إذا فارقه ، لأنه لم يكن فيه حصن غير الرها ، فلما ملك سنجار صارت على الجميع كالسور ، واستناب بها سعد الدين بن معين الدين أنز ، وكان من أكابر الأمراء وأحسنهم صورة ومعنى .