الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            وفاة الملك المنصور عز الدين

            فروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب صاحب بعلبك ونائب دمشق لعمه الملك صلاح الدين ، وهو والد الملك الأمجد بهرام شاه صاحب بعلبك أيضا بعد أبيه ، وإليه تنسب المدرسة الفروخشاهية بالشرق الشمالي ، وإلى جانبها التربة الأمجدية لولده ، وهما وقف على الحنفية والشافعية ، وقد كان فروخشاه شهما شجاعا بطلا عاقلا ذكيا فاضلا كريما ممدحا ، امتدحه الشعراء لجوده وفضله وإحسانه ، وكان من أكبر أصحاب الشيخ تاج الدين أبي اليمن الكندي ، عرفه من مجلس القاضي الفاضل له ، وللعماد الكاتب فيه مدائح بدائع ، وله هو ، رحمه الله ، شعر رائق لطيف ، من ذلك قوله :


            أنا في أسر السقام من هوى هذا الغلام     رشأ ترشق عينا
            ه فؤادي بسهام     كلما أرشفني فا
            ه على حر الأوام     ذقت منه الشهد في الثل
            ج المصفى في المدام

            وكان ابنه الملك الأمجد شاعرا جيدا أيضا ، وقد ولاه عم أبيه صلاح الدين بعلبك بعد أبيه ، واستمر فيها مدة طويلة ، ومن محاسن المنصور عز الدين فروخشاه صحبته لتاج الدين الكندي ، وله في الكندي مدائح ، وقد أورد الشيخ شهاب الدين ذلك كله مستقصى في " الروضتين " ; ومن ذلك أنه دخل يوما إلى الحمام فرأى رجلا كان يعرفه من أصحاب الأموال ، وقد نزل به الحال حتى إنه تستر ببعض يديه حتى لا يبدو جسمه ، فرق له وأمر غلامه أن ينقل بقجة وبساطا إلى موضع الرجل ، وأحضر به بغلة وألف دينار وتوقيعا له في كل شهر بعشرين دينارا ، فدخل الرجل من أفقر الناس ، وخرج وهو من أغنى الناس ، فرحمة الله على الأجواد الأكياس . كان ابتداء مرضه أنه خرج من دمشق إلى غزو الفرنج ، فمرض ، وعاد مريضا فمات ، ووصل خبر موته إلى صلاح الدين ، وقد عبر الفرات إلى الديار الجزرية ، فأعاد شمس الدين محمد بن المقدم إلى دمشق ليكون مقدما على عسكرها .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية