الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            في سنة ستمائة خرج أسطول من الفرنج إلى الديار المصرية ، فنهبوا مدينة فوة ، وأقاموا خمسة أيام يسبون وينهبون ، وعساكر مصر مقابلهم ، بينهم النيل ، ليس لهم وصول إليهم لأنهم لم تكن لهم سفن .

            وفيها كانت زلزلة عظيمة عمت أكثر البلاد مصر ، والشام ، والجزيرة ، وبلاد الروم ، وصقلية ، وقبرس ، ووصلت إلى الموصل والعراق وغيرهما ، وخرب من مدينة صور سورها وأثرت في كثير من الشام .

            وفيها ، في رجب ، اجتمع جماعة من الصوفية برباط شيخ الشيوخ ببغداد وفيهم صوفي اسمه أحمد بن إبراهيم الداري من أصحاب شيخ الشيوخ عبد الرحيم بن إسماعيل - رحمهم الله - ومعهم مغن يغني ويقول الشعر :


            عويذلتي أقصري كفى بمشيبي عذل     شباب كأن لم يكن
            وشيب كأن لم يزل     وحق ليالي الوصال
            أواخرها والأول     وصفرة لون المحب
            عند استماع العذل     لئن عاد عيشي بكم
            حلا العيش لي واتصل

            فتحرك الجماعة ، كعادة الصوفية في السماع ، وطرب الشيخ المذكور ، وتواجد ، ثم سقط مغشيا عليه ، فحركوه فإذا هو ميت ، فصلي عليه ودفن ، وكان رجلا صالحا . وقال ابن الساعي : كان شيخا صالحا صحب الصدر عبد الرحيم شيخ الشيوخ . فشهد الناس جنازته ، ودفن بباب أبرز . وفي جمادى الأولى منها عقد مجلس لقاضي القضاة ببغداد ، وهو أبو الحسن علي بن عبد الله بن سليمان الحلبي بدار الوزير ، وثبت عليه محضر بأنه يتناول الرشا ، فعزل في ذلك المجلس ، وفسق ، ونزعت الطرحة عن رأسه ، وكانت مدة ولايته سنتين وثلاثة أشهر .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية