الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            حج بالناس في سنة عشر وستمائة أبو فراس بن جعفر بن فراس الحلي ، نيابة عن أمير الحاج ياقوت ، ومنع ابن ياقوت عن الحج ; لما جرى للحاج في ولايته . فيها أمر العادل أيام الجمع بوضع سلاسل على أفواه الطرق إلى الجامع لئلا تصل الخيول إلى قريب الجامع صيانة للمسلمين عن التأذي بهم ، والتضييق عليهم .

            وفيها ولد الملك العزيز بن الظاهر غازي صاحب حلب ، وهو والد الملك الناصر صاحب دمشق ، واقف الناصريتين الذي أسره هلاوون ملك التتار .

            وفيها قدم بالفيل من الديار المصرية ، فحمل هدية إلى صاحب الكرج ، فتعجب الناس منه ، ومن بديع خلقته .

            وفيها قدم الملك الظافر خضر بن السلطان صلاح الدين من حلب قاصدا الحج ، فتلقاه الناس ، وأكرمه ابن عمه المعظم صاحب دمشق ، فلما لم يبق بينه وبين مكة إلا مراحل يسيرة تلقته حاشية الكامل صاحب مصر ، وصدوه عن الدخول إلى مكة ، وقالوا : إنما جئت لأخذ اليمن . فقال لهم : قيدوني وذروني أقضي المناسك . فقالوا : ليس معنا مرسوم وإنما أمرنا بردك وصدك . فهم طائفة من الناس بقتالهم ، فخاف من وقوع فتنة ، فتحلل من حجه ، ورجع إلى الشام ، وتأسف الناس على ما فعل به ، وتباكوا لما ودعهم ، تقبل الله منه .

            وفيها وصل كتاب من بعض فقهاء الحنفية بخراسان إلى الشيخ تاج الدين الكندي يخبر فيه أن السلطان خوارزم شاه محمد بن تكش تنكر في ثلاثة نفر ، ودخل بلاد التتر ليكشف أخبارهم بنفسه ، فأنكروهم فقبضوا عليهم ، فضربوا منهم اثنين حتى ماتا ، ولم يقرا بما جاءوا إليه ، واستوثقوا من الملك وصاحبه أسرا ، فلما كان في بعض الليالي هربا ، ورجع السلطان إلى معسكره ، فعاد إلى مملكته .

            قلت : وهذه المكاتبة غير ما تقدم من أسره في المعركة مع ابن مسعود الأمير ، والله أعلم .

            وفيها ظهرت بلاطة وهم يحفرون في خندق حلب ، فوجد تحتها من الذهب خمسة وسبعون رطلا ، ومن الفضة خمسة وعشرون بالرطل الحلبي .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية