استيلاء ألدز على لهاوور وقتله
لما هرب ألدز من غزنة إلى لهاوور لقيه صاحبها ناصر الدين قباجة ، وهو من مماليك شهاب الدين الغوري أيضا ، وله من البلاد لهاوور ، وملتان وأوجة ، وديبل ، وغير ذلك ، إلى ساحل البحر ، ومعه نحو خمسة عشر ألف فارس ، وكان قد بقي مع ألدز نحو ألف وخمسمائة فارس ، فوقع بينهما مصاف ، واقتتلوا ، فانهزمت ميمنة ألدز وميسرته ، وأخذت الفيلة التي معه ، ولم يبق له غير فيلين معه في القلب .
فقال الفيال : إذا أخاطر بسعادتك ، وأمر أحد الفيلين أن يحمل على العلم الذي لقباجة يأخذه ، وأمر الفيل الآخر ، الذي له أيضا أن يأخذ الجتر الذي له ، فأخذه أيضا ، والفيلة المعلمة تفهم ما يقال لها ، هذا رأيناه ، فحمل الفيلان ، وحمل معهما ألدز فيمن بقي عنده من العسكر ، وكشف رأسه ، وقال بالعجمية ما معناه : إما ملك ، وإما هلك ! واختلط الناس بعضهم ببعض ، وفعل الفيلان ما أمرهما الفيال من أخذ العلم والجتر ، فانهزم قباجة وعسكره ، وملك ألدز مدينة لهاوور .
ثم سار إلى بلاد الهند ليملك مدينة دهلة وغيرها مما بيد المسلمين ، وكان صاحب دهلة أميرا اسمه الترمش ، ولقبه شمس الدين ، وهو من مماليك قطب الدين أيبك ، مملوك شهاب الدين أيضا ، كان قد ملك الهند بعد سيده ، فلما سمع به الترمش سار إليه في عساكره كلها ، فلقيه عند مدينة سماتا فاقتتلوا ، فانهزم ألدز وعسكره ، وأخذ وقتل .
وكان ألدز محمود السيرة في ولايته ، كثير العدل والإحسان إلى الرعية لاسيما التجار والغرباء ، ومن محاسن أعماله أنه كان له أولاد ، ولهم معلم يعلمهم ، فضرب المعلم أحدهم فمات ، فأحضره ألدز وقال له : يا مسكين ! ما حملك على هذا ؟ فقال : والله ما أردت إلا تأديبه ، فاتفق أن مات . فقال : صدقت . وأعطاه نفقة ، وقال له : تغيب فإن أمه لا تقدر على الصبر فربما أهلكتك ولا أقدر أمنع عنك . فلما سمعت أم الصبي بموته طلبت الأستاذ لتقتله فلم تجده ، فسلم وكان هذا من أحسن ما يحكى عن أحد من الناس .