الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث .

            في هذه السنة أول آب ، جاء ببغداد مطر برعد وبرق  ، وجرت المياه بباب البصرة والحربية ، وكذلك بالمحول ، بحيث إن الناس كانوا يخوضون في الماء والوحل بالمحول .

            وفيها سار صاحب المخزن إلى بعقوبا  في ذي القعدة ، فعسف أهلها ، فنقل إليه عن إنسان منها أنه يسبه ، فأحضره وأمر بمعاقبته ، وقال له : لم تسبني ؟ فقال له : أنتم تسبون أبا بكر وعمر لأجل أخذهما فدك ، وهي عشر نخلات لفاطمة - عليها السلام - وأنتم تأخذون مني ألف نخلة ولا أتكلم ؟ فعفا عنه .

            وفيها وقعت فتنة بواسط بين السنة والشيعة  على جاري عادتهم .

            وفيها قلت الأمطار في البلاد ، فلم يجئ منها شيء إلى شباط ، ثم إنها كانت تجيء في الأوقات المتفرقة مجيئا قريبا لا يحصل منه الري للزرع ، فجاءت الغلات قليلة ، ثم خرج عليها الجراد ، ولم يكن في الأرض من النبات ما يشتغل به عنها ، فأكلها إلا القليل ، وكان كثيرا خارجا عن الحد ، فغلت الأسعار في العراق والموصل ، وسائر ديار الجزيرة ، وديار بكر وغيرها ، وقلت الأقوات ، إلا أن أكثر الغلاء كان بالموصل وديار الجزيرة . وفيها أرسل المعظم ولده الناصر داود إلى صاحب إربل تقوية على مخالفة الأشرف ،  وأرسل صوفيا من السميساطية يقال له : الملق إلى جلال الدين بن خوارزم شاه - وكان قد أخذ أذربيجان في هذه السنة ، وقوي جأشه - يتفق معه على أخيه الأشرف ، فوعده النصر والرفادة .

            وفيها قدم الملك مسعود أقسيس ملك اليمن على أبيه الكامل بالديار المصرية ، ومعه شيء كثير من الهدايا والتحف ، من ذلك مائتا خادم وثلاثة أفيلة هائلة ، وأحمال عود وند ومسك وعنبر ، وخرج أبوه الكامل لتلقيه ، ومن نية أقسيس أن ينزع الشام من يد عمه المعظم .

            وفيها كمل عمارة دار الحديث الكاملية بمصر ، وولي مشيختها الحافظ أبو الخطاب بن دحية الكلبي ، وكان مكثارا ، كثير الفنون ، وعنده فوائد وعجائب ، رحمه الله تعالى . وكانت الكعبة تكسى الديباج الأبيض من أيام المأمون إلى الآن، فكساها الناصر ديباجا أخضر، ثم كساها ديباجا أسود، فاستمر إلى الآن.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية