وقام في الملك بعده ولده السعيد بمبايعة أبيه له في حال حياته ، وكان عمر السعيد يومئذ دون العشرين سنة ، وهو من أحسن الأشكال وأتم الرجال .
وفي صفر وصلت الهدايا من الفنش مع رسله إلى الديار المصرية ، فوجدوا السلطان قد مات ، وقد أقيم الملك السعيد ولده مكانه ، والدولة لم تتغير ، والمعرفة بعده ما تنكرت ، ولكن البلاد قد فقدت أسدها بل أسدها وأشدها ، بل الذي بلغ أشدها ، وإذا انفتحت ثغرة من سور الإسلام سدها ، وكلما انحلت عقدة من عرى العزائم شدها ، وكلما رامت فرقة مارقة من طوائف الطغام أن تلج إلى حومة الإسلام صدها وردها ، فسامحه الله ، وبل بالرحمة ثراه ، وجعل الجنة متقلبه ومثواه .
وكانت العساكر الشامية قد سارت إلى الديار المصرية ، ومعهم محفة يظهرون أن السلطان فيها مريض ، حتى وصلوا إلى القاهرة فجددوا البيعة للسعيد بعدما أظهروا موت الملك السديد الذي هو إن شاء الله شهيد .
وفي يوم الجمعة السابع والعشرين من صفر خطب في جميع الجوامع بالديار المصرية للملك السعيد ، وصلى على والده الملك الظاهر ، واستهلت عيناه بالدموع .