لا تنجز الوعد إن وعدت وإن أعطيت أعطيت تافها نكدا
ونصبه على الحال أو على أنه صفة مصدر محذوف وأصل الكلام لا يخرج نباته فحذف المضاف إليه وأقيم المضاف مقامه فصار مرفوعا مستترا وجوز أن يكون الأصل ونبات الذي خبث والتعبير أولا بالطيب وثانيا بالذي خبث دون الخبيث للإيذان بأن أصل الأرض أن تكون طيبة منبتة وخلافه طار عارض وقرئ ( يخرج نباته ) ببناء ( يخرج ) لما لم يسم فاعله ورفع ( نبات ) على النيابة عن الفاعل و ( يخرج نباته ) ببناء ( يخرج ) للفاعل من باب الإخراج ونصب ( نباته ) على المفعولية والفاعل ضمير البلد وقيل ضمير الله تعالى أو الماء وكذا قرئ في ( يخرج ) المنفي ونصب ( نكدا ) حينئذ على المفعولية وقرأ ( نكدا ) بفتحتين على زنة المصدر وهو نصب على الحال أو على المصدرية أي ذا نكد أو خروجا نكدا وقرأ ( نكدا ) بالإسكان للتخفيف كنزه في قوله . أبو جعفر
[ ص: 148 ]
فقال لي قول ذي رأي ومقدرة مجرب عاقل نزه عن الريب
كذلك مثل ذلك التصريف البديع نصرف الآيات أي نردد الآيات الدالة على القدرة الباهرة ونكررها وأصل التصريف تبديل حال بحال ومنه تصريف الرياح لقوم يشكرون (58) نعم الله تعالى ومنها تصريف الآيات وشكر ذلك التفكر فيها والاعتبار بها وخص الشاكرين لأنهم المنتفعون بذلك .
وقال الطيبي : ذكر لقوم يشكرون بعد لعلكم تذكرون من باب الترقي لأن من تذكر آلاء الله تعالى عرف حق النعمة فشكر وهذا كما قال غير واحد مثل لمن ينجع فيه الوعظ والتنبيه من المكلفين ولمن لا يؤثر فيه شيء من ذلك .
أخرج وغيره عن ابن المنذر أن قوله سبحانه وتعالى : ابن عباس والبلد الطيب .. إلخ . مثل ضربه الله تعالى للمؤمنين يقول : هو طيب وعمله طيب والذي خبث .. إلخ . مثل للكافر يقول : هو خبيث وعمله خبيث .
وأخرج عن ابن جرير أن هذا مثل ضربه الله تعالى لآدم عليه السلام وذريته كلهم إنما خلقوا من نفس واحدة فمنهم من آمن بالله تعالى وكتابه فطاب ومنهم من كفر بالله تعالى وكتابه فخبث . مجاهد
أخرج والشيخان أحمد عن والنسائي أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإيثار خصوص التمثيل بالأرض الطيبة والخبيثة استطراد عقيب ذكر المطر وإنزاله بالبلد وموازنة بين الرحمتين كما في الكشف ولقربه من الاعتراض جيء بالواو في قوله سبحانه وتعالى مثل ما بعثني الله تعالى به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله تعالى بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله تعالى ونفعه ما بعثني الله تعالى به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله تعالى الذي أرسلت به والبلد الطيب وفيه إشارة إلى معنى ما ورد في صحيح عن مسلم عياض المجاشعي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته عن الله عز وجل : إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم .
وفي صحيح عن البخاري رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : أبي هريرة ووجه الإشارة قد مرت الإشارة إليه ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه