تبقلت في أول التبقل بين رماحي مالك ونهشل
وتأنيث اثنتي مع أن المعدود مذكر وما قبل الثلاثة يجري على أصل التأنيث والتذكير لتأويل ذلك بمؤنث وهو ظاهر مما قررنا، وقرأ وغيره (عشرة) بكسر الشين وروي عنه فتحها أيضا، والكسر لغة تميم، والسكون لغة الأعمش الحجاز، وقوله سبحانه: أمما بدل بعد بدل من اثنتي عشرة لا من أسباط على تقدير أن [ ص: 88 ] يكون بدلا؛ لأنه لا يبدل من البدل، وجوز كونه بدلا منه إذا لم يكن بدلا ونعتا إن كان كذلك أو لم يكن. وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه حين استولى عليه العطش في التيه: أن اضرب بعصاك الحجر تفسير لفعل الإيحاء (فأن) بمعنى أي، وجوز كونها مصدرية. أبو البقاء فانبجست أي انفجرت كما قال وزعم ابن عباس، الطبرسي أن الانبجاس خروج الماء بقلة، والانفجار خروجه بكثرة، والتعبير بهذا تارة وبالأخرى أخرى باعتبار أول الخروج وما انتهى إليه، والعطف على مقدر ينسحب عليه الكلام، أي: فضرب فانبجست، وحذف المعطوف عليه لعدم الإلباس، وللإشارة إلى سرعة الامتثال حتى كأن الإيحاء وضربه أمر واحد، وأن الانبجاس بأمر الله تعالى حتى كأن فعل موسى عليه السلام لا دخل فيه.وذكر بعض المحققين أن هذه الفاء على ما قرر فصيحة، وبعضهم يقدر شرطا في الكلام فإذا ضربت فقد انبجست منه اثنتا عشرة عينا ، وهو غير لائق بالنظم الجليل. قد علم كل أناس أي: سبط، والتعبير عنهم بذلك للإيذان بكثرة كل واحد من الأسباط، وأناس إما جمع أو اسم جمع، وذكر السعد أن أهل اللغة يسمون اسم الجمع جمعا، و (علم) بمعنى عرف، الناصب مفعولا واحدا أي: قد عرف. مشربهم أي: عينهم الخاصة بهم، ووجه الجمع ظاهر. وظللنا عليهم الغمام أي: جعلنا ذلك بحيث يلقي عليهم ظله ليقيهم من حر الشمس، وكان يسير بسيرهم ويسكن بإقامتهم. وأنزلنا عليهم المن والسلوى أي الترنجبين والسمانى، فكان الواحد منهم يأخذ ما يكفيه من ذلك. كلوا أي: قلنا، أو قائلين لهم: كلوا.
من طيبات ما رزقناكم أي: مستلذاته، و (ما) موصولة كانت أو موصوفة، عبارة عن المن والسلوى. وما ظلمونا عطف على محذوف للإيجاز والإشعار بأنه أمر محقق غني عن التصريح. أي: فظلموا بأن كفروا بهذه النعم الجليلة. وما ظلمونا بذلك. ولكن كانوا أنفسهم يظلمون بالكفر إذ لا يتخطاهم ضرره، وتقديم المفعول لإفادة القصر الذي يقتضيه النفي السابق، وفي الكلام من التهكم والإشارة إلى تماديهم على ما فيهم ما لا يخفى.