واذكروا إذ أنتم قليل أي: في العدد، والجملة الاسمية للإيذان باستمرار ما كانوا فيه من القلة وما يتبعها، وقوله سبحانه: مستضعفون خبر ثان، وجوز أن يكون صفة لقليل، وقوله تعالى: في الأرض أي: في أرض مكة تحت أيدي كفار قريش والخطاب للمهاجرين، أو تحت أيدي فارس والروم والخطاب للعرب كافة مسلمهم وكافرهم على ما نقل عن واعترض بأنه بعيد لا يناسب المقام مع أن وهب. فارس لم تحكم على جميع العرب، وقوله تعالى: تخافون أن يتخطفكم الناس خبر ثالث أو صفة ثانية لقليل وصف بالجملة بعد ما وصف بغيرها، وجوز أن تكون حالا من المستكن في مستضعفون [ ص: 195 ] والمراد بالناس على الأول وهو الأظهر إما كفار أبو البقاء قريش أو كفار العرب كما قاله لقربهم منهم وشدة عداوتهم لهم، وعلى الثاني عكرمة فارس والروم.
وأخرج وغيره عن الديلمي رضي الله تعالى عنهما قال: ابن عباس قيل: يا رسول الله، ومن الناس؟ قال: أهل فارس.
والتخطف كالخطف الأخذ بسرعة، وفسر هنا بالاستلاب أي: واذكروا حالكم وقت قلتكم وذلتكم وهوانكم على الناس، وخوفكم من اختطافكم، أو اذكروا ذلك الوقت فآواكم أي: إلى المدينة أو جعل لكم مأوى تتحصنون به من أعدائكم. وأيدكم بنصره بمظاهرة الأنصار أو بإمداد الملائكة يوم بدر أو بأن قوى شوكتكم إذ بعث منكم من تضطرب قلوب أعدائكم من اسمه. ورزقكم من الطيبات من الغنائم ولم تطب إلا لهذه الأمة، وقيل: هي عامة في جميع ما أعطاهم من الأطعمة اللذيذة، والأول أنسب بالمقام والامتنان به هنا أظهر. والثاني متعين عند من يجعل الخطاب للعرب لعلكم تشكرون هذه النعم الجليلة.