قاتلوهم تجريد للأمر بالقتال بعد بيان موجبه على أتم وجه والتوبيخ على تركه، ووعد بنصرهم وبتعذيب أعدائهم وإخزائهم وتشجيع لهم يعذبهم الله بأيديكم بالقتل ( ويخزهم ) ويذلهم بالأسر ، وقد يقال : يعذبهم قتلا وأسرا ويذلهم بذلك وينصركم عليهم أي يجعلكم جميعا غالبين عليهم أجمعين ولذلك أخر كما قال بعض المحققين عن التعذيب والإخزاء ويشف صدور قوم مؤمنين قد تألموا من جهتهم ، والمراد بهم أناس من خزاعة حلفائه عليه الصلاة والسلام كما قال ، وغيره ، عكرمة وعن رضي الله تعالى عنهما أنهم بطون من ابن عباس اليمن وسبأ قدموا مكة وأسلموا فلقوا من أهلها أذى كثيرا فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكون إليه، فقال عليه الصلاة والسلام : " أبشروا فإن الفرج قريب " .
[ ص: 62 ] وروي عنه رضي الله تعالى عنه أن قوله سبحانه : ألا تقاتلون إلخ ترغيب في فتح مكة وأورد عليه أن هذه السورة نزلت بعد الفتح فكيف يتأتى ما ذكر ، وأجيب بأن أولها نزل بعد الفتح وهذا قبله ، وفائدة عرض البراءة من عهدهم مع أنه معلوم من قتال الفتح وما وقع فيه من الدلالة على عمومه لكل المشركين ومنعهم من البيت، فتذكر ولا تغفل ، قيل : ولا يبعد حمل المؤمنين على العموم لأن كل مؤمن يسر بقتل الكفار وهوانهم .