لا يبعد الله إخوانا لنا ذهبوا أفناهم حدثان الدهر والأبد
( وسيحلفون ) أي : المتخلفون عن الغزو ( بالله ) متعلق بسيحلفون ، وجوز أن يكون من جملة كلامهم ولا بد من تقدير القول في الوجهين أي سيحلفون عند رجوعك من غزوة تبوك بالله قائلين لو استطعنا أو سيحلفون قائلين بالله لو استطعنا إلخ ، وقيل : لا حاجة إلى تقدير القول لأن الحلف من جنس القول وهو أحد المذهبين المشهورين ، والمعنى لو كان لنا استطاعة من جهة العدة أو من جهة الصحة أو من جهتيهما معا حسبما عن لهم من التعلل والكذب لخرجنا معكم لما دعوتمونا إليه وهذا جواب القسم وجواب لو محذوف على قاعدة اجتماع القسم والشرط إذا تقدم القسم وهو اختيار ابن عصفور ، واختار ابن مالك أنه جواب ( لو ) ولو وجوابها جواب القسم ، وقيل : إنه ساد مسد جوابي القسم والشرط جميعا ، والقسم على الاحتمال الأول ظاهر وأما على الثاني فلأن لو استطعنا في قوة بالله لو استطعنا لأنه بيان لسيحلفون بالله وتصديق له كما قيل .
واعترض القول الأخير بأنه لم يذهب إليه أحد من أهل العربية ، وأجيب بأن مراد القائل أنه لما حذف جواب ( لو ) دل عليه جواب القسم جعل كأنه ساد مسد الجوابين ، وقرأ ، الحسن ( لو استطعنا ) بضم الواو تشبيها لها بواو الجمع كما في قوله تعالى : والأعمش فتمنوا الموت و اشتروا الضلالة وقرئ بالفتح أيضا يهلكون أنفسهم بإيقاعها في العذاب ، قيل : وهو بدل من ( سيحلفون ) واعترض بأن الهلاك ليس مرادفا للحلف ولا هو نوع منه ، ولا يجوز أن يبدل فعل من فعل إلا أن يكون مرادفا له أو نوعا منه .
وأجيب بأن الحلف الكاذب إهلاك للنفس ولذلك قال صلى الله تعالى عليه وسلم : " " وحاصله أنهما ترادفان ادعاء فيكون بدل كل من كل ، وقيل إنه بدل اشتمال إذ الحلف سبب للهلاك والمسبب يبدل من السبب لاشتماله عليه ، وجوز أن يكون حالا من فاعله أي سيحلفون مهلكين أنفسهم ، وأن يكون حالا من فاعل ( اليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع لخرجنا ) جيء به على طريقة الإخبار عنهم كأنه قيل : نهلك أنفسنا أي لخرجنا مهلكين أنفسنا كما في قولك : حلف ليفعلن مكان لأفعلن ولكن فيه بعد ، وجوز الاستئناف أبو البقاء والله يعلم إنهم لكاذبون في مضمون الشرطية وفيما ادعوا ضمنا من انتفاء تحقق المقدم حيث كانوا مستطيعين للخروج ولم يخرجوا .
واستدل بالآية على أن القدرة قبل الفعل.