ولئن سألتهم عما قالوه ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب أخرج ، ابن المنذر عن وابن أبي حاتم قال : " قتادة بينما رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في غزوته إلى تبوك إذ نظر إلى أناس بين يديه من المنافقين يقولون : أيرجو هذا الرجل أن تفتح له قصور الشام وحصونها هيهات هيهات ، فأطلع الله نبيه عليه الصلاة والسلام على ذلك فقال : احبسوا على هؤلاء الركب فأتاهم فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: [ ص: 131 ] قلتم كذا وكذا؟ قالوا : يا نبي الله إنما كنا نخوض ونلعب ، فنزلت " وأخرج ، ابن جرير ، وغيرهما عن وابن مردويه رضي الله تعالى عنهما قال : عبد الله بن عمر قال رجل في غزوة تبوك ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء لا أرغب بطونا ولا أكذب ألسنة ولا أجبن عند اللقاء ، فقال رجل : كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن ، قال عبد الله : فأنا رأيت الرجل متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم والحجارة تنكيه وهو يقول : يا رسول الله إنا كنا نخوض ونلعب. ورسول الله عليه الصلاة والسلام يقول ما أمره الله تعالى به في قوله سبحانه : قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون وجاء في بعض الروايات أن هذا المتعلق عبد الله بن أبي رأس المنافقين، وهل أنكروا ما قالوه واعتذروا بهذا العذر الباطل أو لم ينكروه وقالوا ما قالوا فيه خلاف والإمام على الثاني وهو أوفق بظاهر النظم الجليل .
وأصل الخوض الدخول في مائع مثل الماء والطين ثم كثر حتى صار اسما لكل دخول فيه تلويث وإيذاء، وأرادوا إنما نلعب ونتلهى لتقصر مسافة السفر بالحديث، والمداعبة كما يفعل الركب ذلك لقطع الطريق ولم يكن ذلك منا على طريق الجد ، والاستفهام للتوبيخ ، وأولى المتعلق إيذانا بأن الاستهزاء واقع لا محالة لكن الخطاب في المستهزأ به ، أي قل لهم غير ملتفت إلى اعتذارهم ناعيا عليهم جناياتهم: قد استهزأتم بمن لا يصح الاستهزاء به وأخطأتم مواقع فعلكم الشنيع الذي طالما ارتكبتموه ، ومن تأمل علم أن قولهم السابق في سبب النزول متضمن للاستهزاء المذكور .