خذ من أموالهم صدقة أخرج غير واحد عن رضي الله تعالى عنهما أنهم لما أطلقوا انطلقوا فجاءوا بأموالهم فقالوا: يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا فقال عليه الصلاة والسلام: ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا فنزلت الآية فأخذ صلى الله تعالى عليه وسلم منها الثلث ابن عباس كما جاء في بعض الروايات، فليس المراد من الصدقة الصدقة المفروضة أعني الزكاة لكونها مأمورا بها وإنما هي على ما قيل كفارة لذنوبهم حسبما ينبئ عنه قوله عز وجل: تطهرهم أي عما تطلخوا به من أوضار التخلف وعن أن المراد بها الزكاة وأمر صلى الله عليه وسلم بأخذها هنا دفعا لتوهم إلحاقهم ببعض المنافقين فإنها لم تكن تقبل منه كما علمت وأمر التطهير سهل، وأيا ما كان فضمير أموالهم لهؤلاء المعترفين، وقيل: إنه على الثاني راجع لأرباب الأموال مطلقا، وجمع الأموال للإشارة إلى أن الآخذ من سائر أجناس المال والجار والمجرور متعلق بخذ ويجوز أن يتعلق بمحذوف وقع حالا من (صدقة) والتاء في تطهرهم للخطاب، وقرئ بالجزم على أنه جواب الأمر والرفع على أن الجملة حال من فاعل (خذ) أو صفة لصدقة بتقدير بها لدلالة ما بعده عليه أو مستأنفة كما قال الجبائي وجوز على احتمال الوصفية أن تكون التاء للغيبة وضمير المؤنث للصدقة فلا حاجة بنا إلى بها . وقرئ تطهرهم من أطهره بمعنى طهره أبو البقاء وتزكيهم بها بإثبات الياء وهو خبر مبتدأ محذوف والجملة حال من الضمير في الأمر أو في جوابه وقيل: استئناف أي وأنت تزكيهم بها أي تنمي بتلك الصدقة حسناتهم وأموالهم أو تبالغ في تطهيرهم وكون المراد ترفع منازلهم من منازل المنافقين إلى منازل الأبرار المخلصين ظاهر في أن القوم كانوا منافقين والمصحح خلافه، هذا على قراءة الجزم في (تطهرهم) وأما على قراءة الرفع فتزكيهم عطف عليه وظاهر ما في الكشاف يدل على أن التاء هنا للخطاب لا غير لقوله سبحانه: (بها) والحمل على أن الصدقة تزكيهم بنفسها بعيد عن فصاحة التنزيل . وقرأ مسلمة بن محارب (تزكهم) بدون الياء وصل عليهم أي ادع لهم واستغفر وعدي الفعل بعلى لما فيه من معنى العطف لأنه من الصلوين وإرادة المعنى اللغوي هنا هو المتبادر والحمل على صلاة الميت بعيد وإن روي عن رضي الله تعالى عنهما، ولذا استدل بالآية على استحباب ابن عباس واستحب الدعاء لمن يتصدق، في صفته أن يقول للمتصدق آجرك الله فيما أعطيت وجعله لك طهورا وبارك لك فيما أبقيت . وقال بعضهم: يجب على الإمام الدعاء إذا أخذ وقيل: يجب في صدقة الفرض ويستحب في صدقة التطوع، وقيل: يجب على الإمام ويستحب للفقير والحق الاستحباب مطلقا الشافعي إن صلاتك سكن لهم تعليل للأمر بالصلاة والسكن السكون وما تسكن النفس إليه من الأهل والوطن مثلا وعلى الأول جعل الصلاة نفس السكن والاطمئنان مبالغة وعلى الثاني يكون المراد تشبيه صلاته عليه الصلاة والسلام في الالتجاء إليها بالسكن والأول أولى أي إن دعاءك تسكن نفوسهم إليه وتطمئن قلوبهم به إلى الغاية ويثقون بأنه سبحانه قبلهم
وقرأ غير واحد من السبعة (صلواتك) بالجمع مراعاة لتعدد المدعو لهم والله سميع يسمع الاعتراف بالذنب والتوبة والدعاء عليم بما في الضمائر من الندم والغم لما فرط وبالإخلاص في التوبة والدعاء [ ص: 15 ] أو سميع يجيب دعاءك لهم عليم بما تقتضيه الحكمة والجملة حينئذ تذليل للتعليل مقرر لمضمونه وعلى الأول تذليل لما سبق من الآيتين محقق لما فيهما