هي الشمس إلا أن للشمس غيبة وهذا الذي نعنيه ليس يغيب
إن في اختلاف الليل أي غلبة ظلمة النفس على القلب والنهار أي نهار إشراق ضوء الروح عليه وما خلق الله في السماوات أي سماوات الأرواح والأرض أي أرض الأجساد لآيات لقوم يتقون حجب صفات النفس الأمارة إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم أي يوصلهم إلى الجنات الثلاث بحسب نور إيمانهم فقوله سبحانه: تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم كالبيان لذلك دعواهم الاستعدادي فيها أي في تلك الجنات سبحانك اللهم إشارة إلى تنزيهه تعالى والتنزيه في الأولى عن الشرك في الأفعال بالبراءة عن حولهم وقوتهم وفي الثانية عن الشرك في الصفات بالانسلاخ عن صفاتهم وفي الثالثة [ ص: 92 ] عن الشرك في الوجود بفنائهم و (تحيتهم) أي تحية بعضهم لبعض أو تحية لله تعالى فيها سلام أي إفاضة أنوار التزكية وإمداد التصفية أو إشراق أنوار التجليات وإمداد التجريد وإزالة الآفات وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين أي آخر ما يقتضيه استعدادهم قيامهم بالله تعالى في ظهور كمالاته وصفات جلاله وجماله عليهم وهو الحمد الحقيقي منه وله سبحانه وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما أي استغرق أوقاته في الدعاء فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه هذا وصف الذين لم يدركوا حقائق العبودية في مشاهد الربوبية فإنهم إذا أظلم عليهم ليل البلاء قاموا إلى إيقاد مصباح التضرع فإذا انجلت عنهم الغياهب بسطوع أنوار فجر الفرج نسوا ما كانوا فيه ومروا كأن لم يدعوا مولاهم إلى كشف ما عناهمكأن الفتى لم يعر يوما إذا اكتسى ولم يك صعلوكا إذا ما تمولا ولو كانوا عارفين لم يبرحوا دارة التضرع وإظهار العبودية بين يديه تعالى في كل حين وما كان الناس إلا أمة واحدة على الفطرة التي فطر الله الناس عليها متوجهين إلى التوحيد متنورين بنور الهداية الأصلية فاختلفوا بمقتضيات النشأة واختلاف الأمزجة والأهوية والعادات والمخالطات ولولا كلمة سبقت من ربك وهو قضاؤه سبحانه الأزلي بتقدير الآجال والأرزاق لقضي بينهم فيما فيه يختلفون بإهلاك المبطل وإبقاء المحق والمراد أن حكمة الله تعالى اقتضت أن يبلغ كل منهم وجهته التي ولى وجهه إليها بأعماله التي يزاولها هو وإظهار ما خفي في نفسه وسبحان الله الحكيم العليم