فلا بد لي من جهلة في وصاله فمن لي بخل أودع الحلم عنده
فقد ضمن الغزل الفخر بكونه حليما والفخر شكاية الإخوان قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده قيل هو أمر له صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يبين لهم من يفعل ذلك أي قل لهم الله سبحانه هو يفعلهما لا غيره كائنا ما كان لا بأن ينوب عليه الصلاة والسلام عنهم في الجواب كما قاله غير واحد لأن القول المأمور به غير ما أريد منهم من الجواب وإن كان مستلزما له إذ ليس المسؤول عنه من يبدأ الخلق ثم يعيده كما في قوله سبحانه: قل من رب السماوات والأرض قل الله حتى يكون القول المأمور به عين الجواب الذي أريد منهم ويكون صلى الله عليه وسلم نائبا عنهم في ذلك بل إنما هو وجود من يفعل البدء والإعادة من شركائهم فالجواب المطلوب منهم لا غير نعم أمر صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يضمنه مقالته إيذانا بتعينه وتحتمه وإشعارا بأنهم لا يجترئون على التصريح به مخافة التبكيت وإلقام الحجر لا مكابرة ولجاجا انتهى .وقد يقال: المراد من قوله سبحانه: هل من شركائكم إلخ هل المبدئ المعيد الله أم الشركاء؟ والمراد من قوله سبحانه جل شأنه: الله إلخ الله يبدأ ويعيد لا غيره من الشركاء وحينئذ ينتظم السؤال والجواب وانفهام الحصر بدلالة الفحوى فإنك إذا قلت: من يهب الألوف زيد أم عمرو؟ فقيل: زيد يهب الألوف أفادا الحصر بلا شبهة
وبما ذكر يعلم ما في الكلام السابق في الرد على ما قاله الجمع وكذا رد ما قاله القطب من أن هذا لا يصلح جوابا عن ذلك السؤال لأن السؤال عن الشركاء وهذا الكلام في الله تعالى بل هو استدلال على إلهيته تعالى وأنه الذي يستحق العبادة بأنه المبدئ المعيد بعد الاستدلال على نفي إلهية الشركاء فتأمل، وفي إعادة الجملة في الجواب بتمامها غير محذوفة الخبر كما في الجواب السابق لمزيد التأكيد والتحقيق فأنى تؤفكون 34 الإفك الصرف والقلب عن الشيء يقال: أفكه عن الشيء يأفكه إفكا إذا قلبه عنه وصرفه ومنه قول عروة بن أذينة: إن تك عن أحسن الصنيعة مأ فوكا ففي آخرين قد أفكوا وقد يخص كما في القاموس بالقلب عن الرأي ولعله الأنسب بالمقام أي كيف تقلبون من الحق إلى الباطل والكلام فيه كما تقدم في فأنى تصرفون