(وضحك) الأرانب فوق الصفا كمثل دم الجوف يوم اللقا
وقوله:وعهدي بسلمى (ضاحكا) في لبابة ولم يعد حقا ثديها أن تحلما
إني لآتي العرس عند طهورها وأهجرها يوما إذا تك (ضاحكا)
فبشرناها بإسحاق قيل: أي عقبنا سرورها بسرور أتم منه على ألسنة رسلنا ومن وراء إسحاق يعقوب بالنصب، وهي قراءة ابن عامر، وحمزة، وحفص، رضي الله تعالى عنهما على أنه منصوب بتقدير فعل يفسره ما يدل عليه الكلام أي ووهبنا لها من وراء وزيد بن علي إسحاق يعقوب، ورجع ذلك واعترضه البعض بأنه حينئذ لا يكون ما ذكر داخلا تحت البشارة، ودفع بأن ذكر هذه الهبة قبل وجود الموهوب بشارة معنى، وقيل: هو معطوف على محل ( بإسحاق ) لأنه في محل نصب، واعترض أنه إنما يتأتى العطف على المحل إذا جاز ظهور المحل في فصيح الكلام كقوله: ولسنا بالجبال ولا الحديدا. أبو علي،
وبشر لا تسقط باؤه من المبشر به في الفصيح، وزعم بعضهم أن العطف على ( بإسحاق ) على توهم نصبه لأنه في معنى وهبنا لها إسحاق فيكون كقوله:
(مشائيم) ليسوا مصلحين عشيرة ولا ناعب إلا ببين غرابها
تنبيها على أن ذلك مع بعده لما كان واقعا فهذا أجدر، والغرض من التشبيه أن غير الموجود في اللفظ جعل بمنزلته وأعمل، ولا يخفى أنه خلاف المتبادر من عبارته، وقيل إنه معطوف على لفظ (إسحاق) وفتحته للجر لأنه غير مصروف للعلمية والعجمة، وعلى هذا دخوله في البشارة ظاهر إلا أنه قيل عليه: إنه يلزمه الفصل بين نائب الجار ومجروره وهو أبعد منه بين الجار ومجروره، وفي البحر أن من ذهب إلى أنه معطوف على ما ذكر فقوله ضعيف لأنه لا يجوز الفصل بالظرف أو المجرور بين حرف العطف ومعطوفه المجرور، فلا يجوز مررت بزيد اليوم وأمس عمرو، فإن جاء ففي شعر، فإن كان المعطوف منصوبا أو مرفوعا ففي جواز ذلك خلاف نحو قام زيد واليوم عمرو، وضربت زيدا واليوم عمرا، وقرأ الحرميان، والنحويان، وأبو بكر و(يعقوب) بالرفع على الابتداء، (ومن وراء) الخبر كأنه قيل -ومن وراء إسحاق يعقوب كائن أو موجود أو مولود- قال النحاس: والجملة حال داخلة في البشارة أي فبشرناها بإسحاق متصلا به يعقوب.
وأجاز أن يرتفع بالجار والمجرور كما أجازه أبو علي وقيل: إنه جائز على مذهب الجمهور أيضا لاعتماده على ذي الحال، وتعقب بأنه وهم لأن الجار والمجرور إذا كان حالا لا يجوز اقترانه بالواو فليتدبر. الأخفش
وجوز النحاس أيضا أن يكون فاعلا بإضمار فعل تقديره ويحدث من وراء إسحاق يعقوب.
قال وعلى هذا لا يدخل في البشارة، وقد مر ما يعلم منه الجواب، و (وراء) هنا بمعنى خلف وبذلك فسرها ابن عطية: وغيره هنا، وهو رواية عن الراغب وفي رواية أخرى عنه تفسيرها بولد الولد وهو أحد معانيها كما في الصحاح، والقاموس، وبذلك قال ابن عباس، واختاره الشعبي، واستشكل بأن أبو عبيدة، (يعقوب) ولد إسحاق عليه السلام لصلبه لا ولد ولده، ولدفع ذلك قال فيما نقل عنه: إن وجه هذا التفسير أن يراد الزمخشري بيعقوب أولاده كما يقال: هاشم ويراد أولاده فكأنه قيل: من ولد ولد إسحاق أولاد يعقوب، ويتضمن ذلك البشارة بيعقوب من طريق الأولى، وقيل: وجه ذلك أنه سمي ولد إسحاق (وراء) بالنسبة إليها أي وراؤها من إسحاق كأنهم بشروها بأن تعيش حتى ترى ولد ولدها، أو بأن يولد لولدها ولد، قيل: وهذا أقرب، والمنقول عن أظهر، والمعول عليه تفسيره بمعنى خلف إذ في كلا الوجهين تكلف لا يخفى، والاسمان يحتمل وقوعهما في البشارة كما في قوله تعالى: الزمخشري نبشرك بغلام اسمه يحيى وهو الأظهر.
وروي عن ويحتمل أنها بشرت بولد وولد ولد من غير تسمية ثم سميا بعد الولادة، وتوجيه البشارة إليها مع أن الأصل في ذلك السدي: إبراهيم عليه السلام، وقد وجهت إليه في آيتي الحجر والذاريات للإيذان بأن ما بشر به يكون منهما ولكونها عقيمة حريصة على الولد، وكانت قد تمنته حينما ولد لهاجر إسماعيل عليه السلام