وقرأ (يوسف) بالفتح، والأشبه على ما قال الأعمش أن يكون أخرجه على أصل المنادى كما جاء في الشعر. أبو البقاء:
يا عديا لقد وقتك الأواقي.
وقيل: لم تضبط هذه القراءة عن وقيل: إنه أجرى الوقف مجرى الوصل ونقل إلى الفاء حركة الهمزة من قوله تعالى: الأعمش، أعرض عن هذا أي عن هذا الأمر واكتمه ولا تتحدث به فقد ظهر صدقك وطهارة ثوبك، وهذا كما حكى الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله بالوصل والفتح، وقرئ (أعرض) بصيغة الماضي فيوسف حينئذ مبتدأ، والجملة بعده خبر، ولعل المراد الطلب على أتم وجه فيؤول إلى معنى (أعرض واستغفري أنت أيتها المرأة، وضعف هذه القراءة بأنه الأشبه عليها أن [ ص: 225 ] يقال: فاستغفري أبو البقاء لذنبك الذي صدر عنك وثبت عليك إنك كنت بسبب ذلك من الخاطئين أي من جملة القوم المتعمدين للذنب، أو من جنسهم يقال: خطئ يخطئ خطأ وخطأ إذا أذنب متعمدا، وأخطأ إذا أذنب من غير تعمد، وذكر الراغب أن الخطأ العدول عن الجهة وهو أضرب: الأول أن يريد غير ما تحسن إرادته فيفعله، وهذا هو الخطأ التام المأخوذ به الإنسان، والثاني أن يريد ما يحسن فعله ولكن يقع منه خلاف ما يريد وهذا قد أصاب في الإرادة وأخطأ في الفعل، ومن ذلك قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: والثالث أن يريد ما لا يحسن فعله ويتفق منه خلافه فهذا مخطئ في الإرادة مصيب في الفعل، ولا يخفى أن المعنى الذي ذكرناه راجع إلى الضرب الأول من هذه الضروب، والجملة المؤكدة في موضع التعليل للأمر والتذكير لتغليب الذكور على الإناث، واحتمال أن يقال: المراد إنك من نسل الخاطئين فمنهم سرى ذلك العرق الخبيث فيك بعيد جدا، وهذا النداء قيل: من الشاهد الحكيم، وروي ذلك عن "من اجتهد فأخطأ فله أجر" وحمل الاستغفار على طلب المغفرة والصفح من الزوج، ويحتمل أن يكون المراد به طلب المغفرة من الله تعالى ويقال: إن أولئك القوم وإن كانوا يعبدون الأوثان إلا أنهم مع ذلك يثبتون الصانع ويعتقدون أن للقبائح عاقبة سوء من لديه سبحانه إذا لم يغفرها، واستدل على أنهم يثبتون الصانع أيضا بأن ابن عباس يوسف عليه السلام قال لهم: أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ، والظاهر أن قائل ذلك هو العزيز، ولعله كما قيل: كان رجلا حليما، وروي ذلك عن ولذا اكتفي بهذا القدر من مؤاخذتها، وروي أنه كان قليل الغيرة وهو لطف من الله تعالى الحسن، بيوسف عليه السلام، وفي البحر أن تربة إقليم قطفير اقتضت ذلك، وأين هذا مما جرى لبعض ملوك المغرب أنه كان مع ندمائه المختصين به في مجلس أنس وجارية تغنيهم من وراء ستر فاستعاد بعض خلصائه بيتين من الجارية كانت قد غنت بهما فما لبث أن جيء برأس الجارية مقطوعا في طست، وقال له الملك: استعد البيتين من هذا الرأس فسقط في يد ذلك المستعيد ومرض مدة حياة الملك