قال معاذ الله أي نعوذ بالله تعالى معاذا من أن نأخذ فحذف الفعل وأقيم المصدر مقامه مضافا إلى المفعول به وحذف حرف الجر كما في أمثاله إلا من وجدنا متاعنا عنده لأن أخذنا له إنما هو بقضية فتواكم فليس لنا الإخلال بموجبها إنا إذا أي إذا أخذنا غير من وجدنا متاعنا عنده ولو برضاه لظالمون . (79) . في مذهبكم وشرعكم وما لنا ذلك وإيثار صيغة المتكلم مع الغير مع كون الخطاب من جهة إخوته على التوحيد من باب السلوك إلى سنن الملوك وللإشعار بأن الأخذ والإعطاء ليس مما يستبد به بل هو منوط بآراء أهل الحل والعقد وإيثار من وجدنا متاعنا عنده على من سرق متاعنا الأخصر لأنه أوفق بما وقع في الاستفتاء والفتوى أو لتحقيق الحق والاحتراز عن الكذب في الكلام مع تمام المرام فإنهم لا يحملون وجدان الصواع عنده على محمل غير السرقة والمتاع اسم لما ينتفع به وأريد به الصواع وما ألطف استعماله مع الأخذ المراد به الاسترقاق والاستخدام وكأنه لهذا أوثر على الصواع والظاهر أن الأخذ في كلامهم محمول على هذا المعنى أيضا حقيقة .
وجوز أن يكون ذلك مجازا لأنهم يعلمون أنه لا يجوز استرقاق حر غير سارق بدل من قد أحكمت السنة رقه فقولهم ذلك كما تقول لمن تكره فعله : اقتلني ولا تفعل كذا وأنت لا تريد أن يقتلك ولكنك تبالغ في استنزاله ثم قال : وعلى هذا يتجه قول ابن عطية يوسف عليه السلام : معاذ الله لأنه تعوذ من غير جائز ويحتمل أن لا يريدوا هذا المعنى وبعيد عليهم وهم أنبياء أن يريدوا استرقاق حر فلم يبق إلا أن يريدوا بذلك الحمالة أي خذ أحدنا وأبقه عندك حتى ينصرف إليك صاحبك ومقصدهم بذلك أن يصل بنيامين إلى أبيه فيعرفه جلية الحال . اهـ . وهو كلام لا يعول عليه أصلا كما لا يخفى ولجواب يوسف عليه السلام معنى باطن هو أن الله عز وجل إنما أمرني بالوحي أن آخذ بنيامين لمصالح علمها سبحانه في ذلك فلو أخذت غيره كنت ظالما لنفسي وعاملا بخلاف الوحي