يتجرعه جوز كونه صفة لماء أو حالا منه أو استئنافا . أبو البقاء
وجوز كونه حالا من ضمير أبو حيان يسقى والاستئناف أظهر وهو مبني على سؤال كأنه قيل : فماذا يفعل به فقيل : يتجرعه أي يتكلف جرعه مرة بعد أخرى لغلبة العطش واستيلاء الحرارة عليه ولا يكاد يسيغه أي لا يقارب أن يسيغه فضلا عن الإساغة بل يغص به فيشربه بعد اللتيا والتي جرعة غب جرعة فيطول عذابه تارة بالحرارة والعطش وأخرى بشربه على تلك الحالة فإن السوغ انحدار الماء انحدار الشراب في الحلق بسهولة وقبول نفس ونفيه لا يفيد نفي ما ذكر جميعا وقيل : تفعل مطاوع فعل يقال : جرعه فتجرع وقيل : إنه موافق للمجرد أي جرعه كما تقول عدا الشيء وتعداه وقيل : الإساغة الإدخال في الجوف والمعنى لا يقارب أن يدخله في جوفه قبل أن يشربه ثم شربه على حد ما قيل في قوله تعالى : فذبحوها وما كادوا يفعلون أي ما قاربوا قبل الذبح وعبر عن ذلك بالإساغة لما أنها المعهودة في الأشربة أخرج أحمد والترمذي والنسائي وصححه وغيرهم عن والحاكم عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال في الآية : أبي أمامة يقول الله تعالى : يقرب إليه فيتكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم وقال سبحانه : وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ويسيغه بضم الياء لأنه يقال : ساغ الشراب وأساغه غيره وهو الفصيح وإن ورد ثلاثيه متعديا أيضا على ما ذكره أهل اللغة وجملة ( لا يكاد ) إلى آخره في موضع الحال من فاعل يتجرعه أو من مفعوله أو منهما جميعا ويأتيه الموت أي أسبابه من الشدائد وأنواع العذاب فالكلام على المجاز أو بتقدير مضاف من كل مكان أي من كل موضع والمراد أنه يحيط به من جميع الجهات كما روي عن رضي الله تعالى عنهما وقال ابن عباس إبراهيم التيمي : من [ ص: 203 ] كل مكان من جسده حتى من أطراف شعره وروي نحو ذلك عن ميمون بن مهران وإطلاق المكان على الأعضاء مجاز والظاهر أن هذا الإتيان في الآخرة . ومحمد بن كعب
وقال : أراد البلايا التي تصيب الكافر في الدنيا سماها موتا لشدتها ولا يخفى بعده لأن سياق الكلام في أحوال الكافر في جهنم وما يلقى فيها الأخفش وما هو بميت أي والحال أنه ليس بميت حقيقة كما هو الظاهر من مجيء أسبابه على أتم وجه فيستريح مما غشيه من أصناف الموبقات ومن ورائه أي من بين يدي من حكم عليه بما مر عذاب غليظ . (17) . يستقبل كل وقت عذابا أشد وأشق مما كان قبله وقيل : في وراء هنا نحو ما قيل فيما تقدم أمامه وذكر هذه الجملة لدفع ما يتوهم من الخفة بحسب الاعتياد كما في عذاب الدنيا وقيل : ضمير ورائه يعود على العذاب المفهوم من الكلام السابق لا على كل جبار وروي ذلك عن والمراد بهذا العذاب قيل : الخلود في النار وعليه الكلبي الطبرسي وقال الفضيل : هو قطع الأنفاس وحبسها في الأجساد هذا وجوز في الكشاف أن تكون هذه الآية أعني قوله تعالى : واستفتحوا إلى هنا منقطعة عن قصة الرسل عليهم السلام نازلة في أهل مكة طلبوا الفتح الذي هو المطر في سنينهم التي أرسلت عليهم بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخيب سبحانه رجاءهم ولم يسقهم ووعدهم أن يسنيهم في جهنم بدل سقياهم صديد أهل النار والواو على هذا قيل : للاستئناف وقيل : للعطف إما على قوله تعالى : وويل للكافرين من عذاب شديد أو على خبر أولئك في ضلال بعيد لقربه لفظا ومعنى والوجه الأول لبعد العهد وعدم قرينة تخصيص الاستفتاح بالاستمطار لأن الكلام على ذلك التقدير يتناول أهل مكة تناولا أوليا فإن المقصود من ضرب القصة أن يعتبروا