تؤتي أكلها تعطي ثمرها كل حين وقت أقته الله تعالى لإثمارها بإذن ربها بإرادة خالقها جل شأنه والمراد بالكلمة الطيبة شهادة أن لا إله إلا الله على ما أخرجه وغيره عن البيهقي وعن ابن عباس أنها القرآن وعن الأصم ابن بحر دعوة الإسلام وقيل : التسبيح والتنزيه وقيل : الثناء على الله تعالى مطلقا وقيل : كل كلمة حسنة وقيل : جميع الطاعات وقيل : المؤمن نفسه وأخرجه ابن جرير عن وابن أبي حاتم وهو خلاف الظاهر وكأن إطلاق الكلمة عليه نظير إطلاقها على ابن عباس عيسى عليه السلام والمراد بالشجرة المشبه بها النخلة عند الأكثرين وروي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وعكرمة والضحاك وأخرج وابن زيد عبد الرزاق وغيرهما عن والترمذي شعيب بن الحبحاب قال : كنا عند فأتينا بطبق [ ص: 214 ] عليه رطب فقال أنس أنس لأبي العالية : كل يا أبا العالية فإن هذا من الشجرة التي ذكرها الله تعالى في كتابه ( ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة ثابت أصلها ) وأخرج أيضا الترمذي والنسائي وابن حبان وصححه عن والحاكم قال : أنس أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع من بسر فقال : مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة حتى بلغ كل حين قال : هي النخلة .
وأخرج عن ابن مردويه أنها شجرة جوز الهند وأخرج ابن عباس ابن جرير عنه - رضي الله تعالى عنه - أيضا أنها شجرة في الجنة وقيل : كل شجرة مثمرة طيبة الثمار كالنخلة وشجرة التين والعنب والرمان وغير ذلك وأنت تعلم أنه إذا صح الحديث ولم يتأت حمل ما فيه على التمثيل لا ينبغي العدول عنه . وابن أبي حاتم
ووجه تشبيه الكلمة الطيبة بمعنى شهادة أن لا إله إلا الله بهذه الشجرة المنعوتة بما ذكر أن أصل تلك الكلمة ومنشأها وهو الإيمان ثابت في قلوب المؤمنين وما يتفرع منها وينبني عليها من الأعمال الصالحة والأفعال الزكية يصعد إلى السماء وما يترتب على ذلك من ثواب الله تعالى ورضاه هو الثمرة التي تؤتيها كل حين ويقال نحو هذا على تقدير أن تكون الكلمة بمعنى آخر فتأمل والذاهبون إلى تفسير الشجرة بالنخلة من السلف اختلفوا في مقدار الحين فأخرج عن البيهقي أنه شهران قال : إن النخلة إنما يكون فيها حملها شهرين . سعيد بن المسيب
وأخرج عن ابن جرير أنه سنة وقيل غير ذلك واختلفت الروايات عن مجاهد والأشهر أنه فسره بستة أشهر وقال : إن النخلة ما بين حملها إلى صرامها ستة أشهر وأفتى رضي الله تعالى عنه لرجل حلف أن لا يكلم أخاه حينا أنه لو كلمه قبل ستة أشهر حنث وهو الذي قال به الحنفية فقد ذكروا أن الحين والزمان معرفين أو منكرين واقعين في النفي أو في الإثبات ستة أشهر وعللوا ذلك بأن الحين قد جاء بمعنى الساعة وبمعنى أربعين سنة وبمعنى الأبد وبمعنى ستة أشهر فعند عدم النية ينصرف إليه لأنه الوسط ولأن القليل لا يقصد بالمنع لوجود الامتناع فيه عادة والأربعون سنة لا تقصد بالحلف عادة لأنه في معنى الأبد ولو سكت عن الحين تأبد فالظاهر أنه لم يقصد ذلك ولا الأبد ولا أربعين سنة فيحكم بالوسط في الاستعمال والزمان استعمل استعمال الحين ويعتبر ابتداء الستة أشهر من وقت اليمين في نحو لا أكلم فلانا حينا مثلا وهذا بخلاف لأصومن حينا فإن له أن يعين فيه أي ستة أشهر شاء كما بين في محله ومتى نوى الحالف مقدارا معينا في الحين وأخيه صدق لأنه نوى حقيقة كلامه لأن كلا منهما للقدر المشترك بين القليل والكثير والمتوسط واستعمل في كل كما لا يخفى على المتتبع فليتذكر ابن عباس ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون . (25) . لأن في ضربها زيادة إفهام وتذكير فإنه تصوير المعاني العقلية بصور المحسوسات وبه يرتفع التنازع بين الحس والخيال .