فسجد الملائكة أي فخلقه فسواه فنفخ فيه من روحه فسجد له الملائكة كلهم بحيث لم يشذ منهم أحد أجمعون بحيث لم يتأخر في ذلك أحد منهم عن أحد بل أوقعوا الفعل مجتمعين في وقت واحد، هذا على ما ذهب إليه الفراء من دلالة أجمعين على الاجتماع في وقت الفعل، وقال البصريون: إنها ككل لإفادة العموم مطلقا. والمبرد
ومن هنا منع تعاطفهما فلا يقال جاء القوم كلهم وأجمعون وردوا على ذلك بقوله تعالى حكاية عن إبليس: لأغوينهم أجمعين لظهور أن لا اجتماع هناك. ورده في الكشف بأن الاشتقاق من الجمع يقتضيه لأنه ينصرف إلى أكمل الأحوال فإذا فهمت الإحاطة من لفظ آخر وهو كل لم يكن بد من كونه في وقت واحد وإلا كان لغوا، والرد بالآية منشؤه عدم تصور وجه الدلالة، ومنه يعلم وجه فساد النظر بأنه لو كان الأمر كذلك لكان حالا لا تأكيدا، فالحق في المسألة مع الفراء وذلك هو الموافق لبلاغة التنزيل، وزعم البصريون أنه إنما أكد بتأكيدين للمبالغة في التعميم ومنع التخصيص. والمبرد
وزعم غير واحد أنه لا يؤكد بأجمع دون كل اختيارا والمختار وفاقا لأبي حيان جوازه لكثرة وروده [ ص: 46 ] في الفصيح ففي القرآن عدة آيات من ذلك وفي الصحيح « ». فله سلبه أجمع فصلوا جلوسا أجمعون
ولعل منشأ الزعم وجوب تقديم كل عند الاجتماع، ويرده أن النفس يجب تقديمها على العين إذا اجتمعا مع جواز التأكيد بالعين على الانفراد، وما ذكروه من وجوب تقديم كل إنما هو بناء على ما علمت من الحق لرعاية البساطة والتركيب هذا. ثم إنه قد تقدم الكلام في تحقيق أن سجودهم هذا هل ترتب على ما حكي من الأمر التعليقي كما يقتضيه هذه الآية الكريمة أو على الأمر التنجيزي كما يستدعيه بعض الآيات فتذكر.