لا تمدن عينيك لا تطمح بنظرك طموح راغب ولا تدم نظرك إلى ما متعنا به من زخارف الدنيا وزينتها أزواجا منهم [ ص: 80 ] أصنافا من الكفرة اليهود والنصارى والمشركين، وقيل: رجالا مع نسائهم، والنهي قيل له صلى الله عليه وسلم وهو لا يقتضي الملابسة ولا المقاربة، وقيل: هو لأمته وإن كان الخطاب له عليه الصلاة والسلام، وأيد بما أخرجه وغيره عن ابن جرير رضي الله تعالى عنهما أنه قال في الآية: نهي الرجل أن يتمنى مال صاحبه نعم كان صلى الله تعالى عليه وسلم بعد نزول الآية شديد الاحتياط فيما تضمنته، فقد أخرج ابن عباس أبو عبيد عن وابن المنذر يحيى بن أبي كثير أنه عليه الصلاة والسلام مر بإبل لحي يقال لهم بنو الملوح أو بنو المصطلق قد عنست في أبوالها وأبعارها من السمن فتقنع بثوبه ومر ولم ينظر إليها لقوله تعالى: لا تمدن عينيك الآية، ويعد نحو هذا الفعل من باب سد الذرائع. ومنهم من أيد الأول بهذا وبدلالة ظاهر السياق عليه، وحاصلها مع ما قبل قد أوتيت النعمة العظمى التي كل نعمة وإن عظمت فهي بالنسبة إليها حقيرة فعليك أن تستغني بذلك ولا ترغب في متاع الدنيا، وجعل من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: « » بناء على أن «يتغن» من الغنى المقصور كيستغني وليس مقصورا على الممدود، ويشهد لذلك ما في الحديث الصحيح في الخيل « ليس منا من لم يتغن بالقرآن ». وأما التي هي له ستر فرجل ربطها تغنيا وتعففا
وعن رضي الله تعالى عنه من أوتي القرآن فرأى أن أحدا أوتي من الدنيا أفضل مما أوتي فقد صغر عظيما وعظم صغيرا. وقد أخرج أبي بكر عن ابن المنذر ما هو بمعناه، وقال سفيان بن عيينة العراقي : إن الخبر مروي لكن لم أقف على روايته عن رضي الله تعالى عنه في شيء من كتب الحديث. أبي بكر
وحكى بعضهم في سبب نزول الآية أنه وافت من بصرى وأذرعات سبع قوافل لقريظة والنضير في يوم واحد فيها أنواع من البر والطيب والجواهر فقال المسلمون: لو كانت لنا لتقوينا بها ولأنفقناها في سبيل الله تعالى فنزلت، فكأنه سبحانه يقول: قد أعطيتكم سبعا هي خير من سبع قوافل، وروي هذا عن الحسن بن الفضل. وتعقب بأنه ضعيف أو لا يصح لأن السورة مكية وقريظة والنضير كانوا بالمدينة فكيف يصح أن يقال ذلك وهو كما ترى. نعم روي أنه صلى الله عليه وسلم وافى بأذرعات سبع قوافل ليهود بني قريظة والنضير فيها إلخ وهو غير معروف، وقد قالوا: إنه لم يعهد سفره صلى الله تعالى عليه وسلم للشام، واستؤنس بخبر النزول على أن النهي معني به سيد المخاطبين عليه الصلاة والسلام كالنهي في قوله تعالى: ( ولا تحزن عليهم ) حيث إنهم لم يؤمنوا، وكان صلى الله عليه وسلم يود أن يؤمن كل من بعث إليه وشق عليه الصلاة والسلام لمزيد شفقته بقاء الكفرة على كفرهم ولذلك قيل له: ( ولا تحزن عليهم ) وكأن مرجع الجملة الأولى إلى النهي عن الالتفات إلى أموالهم ومرجع هذه الجملة إلى النهي عن الالتفات إليهم، وليس المعنى لا تحزن عليهم حيث إنهم المتمتعون بذلك فإن التمتع به لا يكون مدارا للحزن عليهم، وكون المعنى لا تحزن على تمتعهم بذلك فالكلام على حذف مضاف لا يخفى ما فيه من ارتكاب خلاف الظاهر من غير داع إليه واخفض جناحك للمؤمنين كناية عن التواضع لهم والرفق بهم، وأصل ذلك أن الطائر إذا أراد أن يضم فرخه إليه بسط جناحيه له، والجناحان من ابن آدم جانباه وقل إني أنا النذير المبين أي المنذر الكاشف نزول عذاب الله تعالى ونقمه المخوفة بمن لم يؤمن