يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم أي: مستلذاته أو من حلاله، والآية إما أمر للمؤمنين بما يليق بشأنهم من طلب الطيبات وعدم التوسع في تناول ما رزقوا من الحلال، وذا لم يستفد من الأمر السابق، وإما أمر لهم على طبق ما تقدم إلا أن فائدة تخصيصهم بعد التعميم تشريفهم بالخطاب، وتمهيد لطلب الشكر، و (كلوا) لعموم جميع وجوه الانتفاع دلالة وعبارة واشكروا لله على ما أنعم به عليكم والالتفات لتربية المهابة إن كنتم إياه تعبدون 172 بمنزلة التعليل لطلب الشكر، كأنه قيل: واشكروا له؛ لأنكم تخصونه بالعبادة، وتخصيصكم إياه بالعبادة يدل على أنكم تريدون عبادة كاملة تليق بكبريائه، وهي لا تتم إلا بالشكر؛ لأنه من أجل العبادات - ولذا جعل نصف الإيمان - وورد من حديث مرفوعا يقول الله تعالى: أبي الدرداء "إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر غيري"، والقول بأن المراد إن كنتم تعرفونه، أو إن أردتم عبادته، منحط من القول.